الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقوانين والنظم التي تضبط أمر الناس, وتنظم معاملاتهم, وتحقق لهم المصالح, وتدرأ عنهم المفاسد, ولا تخالف الشرع, ينبغي الالتزام بها في الجملة؛ لكنها تختلف من حيث وجوب الالتزام أو عدم وجوبه, وذلك حسب قوة المصلحة, ومظنة المفسدة المترتبة عليها, وقد بسطنا القول في ذلك في الفتويين رقم: 64402/79060.
وليس ما يضعه ولي الأمر أو نائبه للمصلحة العامة مثل ما يضعه التاجر في محله لتنظيم سير العمل, فمخالفة ولي الأمر قد يترتب عليها الإثم, وأما مخالفة التاجر فلا يترتب عليها ذلك.
وعليه: فوقوفك أنت ووالدك في مكان المحاسبة المخصص للنساء مع عدم وجودهن لا حرج فيه, ولا يلحقكما إثم بسببه, فليس فيه اعتداء على حق للغير, ولا ارتكاب لباطل, والغالب أن يكون القصد من ذلك الأولوية عند وجودهن مراعاة لحالهن, ومشقة مزاحمة الرجال, وهذا أمر حسن ينبغي التزامه عند وجودهن.
وأما ما ذكرته من زيادة السرعة عما هو مقرر بسبب خلو الشارع, أو عكس الاتجاه ونحوه: فالأصل أن يلتزم بمثل هذه القوانين, وإن كان المخالف يظن أنه لن يحصل بها مصلحة, أو أنه لن يترتب على عدم الالتزام بها مفسدة.
وعلى كل: فالإثم وعدمه في الالتزام بها بحسب قوة المصلحة في التزامها, وما قد يترتب من المفاسد عند مخالفتها, جاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية ما يلي: الذي يظهر أن ما أمر به ـ أي الحاكم ـ مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرًا ـ يعني خشية الضرر أو الفتنة فقط ـ بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنًا أيضًا. اهـ.
وفي كل الأحوال: فإن من خالف تلك القوانين المرورية لا يكون سفره الذي ارتكب فيه تلك المخالفة سفرًا محرمًا، ولا تكون الغاية التي يريدها محرمة.
والله أعلم.