الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقوله تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [الأنعام: 18] وقوله عز وجل: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً [الأنعام: 61] من جملة أدلة أهل السنة على إثبات علو الله تعالى بذاته على خلقه.
قال ابن قدامة في مقدمة كتابه (إثبات صفة العلو): إن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك محمد خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء، وتواترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزا في طباع الخلق أجمعين ... وقد جاءت على وفق ما جاء في القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. قال الله تعالى: {ثم استوى على العرش} ـ ثم ذكر عدة آيات منها قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده} ـ .. اهـ.
وقال في ثنايا الكتاب نقلا عن الإمام ابن عبد البر وقد ذكر حديث النزول: فيه دليل على أن الله تعالى في السماء على العرش، من فوق سبع سماوات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم: إن الله بكل مكان. قال: والدليل على صحة قول أهل الحق قول الله عز وجل: {الرحمن على العرش استوى} ... وقال: {وهو القاهر فوق عباده}. اهـ.
وقال الذهبي في كتاب (العلو للعلي الغفار): قال الإمام الحافظ أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري الشافعي، مصنف كتاب (شرح اعتقاد أهل السنة) وهو مجلد ضخم: سياق ما روي في قوله {الرحمن على العرش استوى} وأن الله على عرشه: قال الله عز وجل: {إليه يصعد الكلم الطيب} وقال: {أأمنتم من في السماء} وقال: {وهو القاهر فوق عباده}. فدلت هذه الآيات أنه في السماء وعلمه بكل مكان. روي ذلك عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأم سلمة. ومن التابعين ربيعة، وسليمان التيمي، ومقاتل بن حيان. وبه قال مالك، والثوري، وأحمد. اهـ.
وقال أيضا: قال الإمام شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي صاحب التصانيف في كتاب (المعتقد) له: باب القول في الاستواء: قال الله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وقال: {ثم استوى على العرش} وقال: {وهو القاهر فوق عباده} .. اهـ.
وقال الشيخ حافظ حكمي في (معارج القبول): قد جمع الله تعالى بين علو الذات والقهر في قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: 18] أي: وهو الذي قهر كل شيء، وخضع لجلاله كل شيء، وذل لعظمته وكبريائه كل شيء، وعلا بذاته على عرشه فوق كل شيء. اهـ.
وأما ما يتعلق بالعرش وهيئته من حيث الإحاطة والكرية، فراجعه في الفتويين: 177235، 132417.
والله أعلم.