الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قاله هذا الشيخ المشار إليه ليس بمستنكر, ما دام مراده بالتشبيه هذا الوجه المذكور، وما دام وجه التشبيه قد بين, فلا محذور ثم، ونظير هذا مستعمل عند السلف بلا نكير، ونحو هذا ما ذكره أهل السير في قصة أبي مسلم الخولاني - رحمه الله - حين ألقاه الأسود العنسي في النار فنجاه الله تعالى، فَقِيْلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ لَمْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عَلَيْكَ مَنِ اتَّبَعَكَ، فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيْلِ، فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، وَدَخَلَ المَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فقام إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنَ اليَمَنِ, قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ بِالنَّارِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ, قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ, أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللهمَّ نَعَمْ، فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بإبراهيم الخليل. انتهى من السير.
وما زال العلماء ينشدون قول جرير في مدح عبد الملك ويستحسنونه, ولا ينكره منهم منكر:
نال الخلافة إذ كانت له قدرًا كما أتى ربه موسى على قدرِ.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب: أشبهت خلقي وخلقي. رواه البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم, وأحمد في مسنده, والترمذي, وصححه الألباني.
وبه تعلم ألا حرج على هذا الشيخ في التشبيه المذكور على الوجه المذكور.
والله أعلم.