الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في التلقين أن يكون عند الاحتضار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه أبو داود. ولما رواه مسلم في صحيحه أنه -صلى الله عليه وسلم - قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. قال الإمام النووي: معناه: من حضره الموت.
وما ذكرت عن بعض العلماء من التلقين بعد الدفن جائز على الراجح من أقوال أهل العلم, قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وتَلْقِينُهُ - الميت - بَعْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ وَاجِبًا بِالْإِجْمَاعِ, وَلَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِ بَيْنَهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ, بَلْ ذَلِكَ مَأْثُورٌ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ كَأَبِي أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ؛ فَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ اسْتَحَبَّهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ, وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَكْرَهُهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ, فَالْأَقْوَالُ فِيهِ ثَلَاثَةٌ: الِاسْتِحْبَابُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْإِبَاحَةُ، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ.
واختلاف أهل العلم في حكمه هو بسبب اختلافهم في الحديث الوارد فيه، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 43752.
وأما قولك: وهل الميت يسمع...؟ فإن أهل العلم قالوا: إن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، ولا يلزم أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع في حال دون حال, وانظر الفتوى رقم: 4276.
والله أعلم.