الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تتابعت نصوص الكتاب والسنة في الوصية بالجار, والإحسان إليه, ومعرفة حقه، وأذية الجار ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب, كما بينا بالفتوى رقم: 60282, وكذلك الحال بالنسبة لتعيير الشخص بأمه، ولا سيما إن كان بما يقتضي قذفها، وهو خلق من أخلاق الجاهلية، روى البخاري ومسلم عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: ساببت رجلًا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه و سلم: "يا أبا ذر أعيرته بأمه, إنك امرؤ فيك جاهلية...الحديث.
ومن أهم ما ينبغي أن توصيه به هو الصبر, فهو خير ما يتسلى به المؤمن, وبه أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وجاءت النصوص الكثيرة في بيان فضله، وقد بيناها بالفتوى رقم: 18103, ولو أمكن أن يقابل إساءتهم بالإحسان فليفعل, عسى أن تنقلب العداوة إلى مودة، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، ذكر البغوي في تفسيره عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال في معنى هذه الآية: أمر بالصبر عند الغضب، وبالحلم عند الجهل، وبالعفو عند الإساءة، فإذا الذي بينك وبينه عداوة - يعني إذا فعلت ذلك - خضع لك عدوك, وصار الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، كالصديق القريب. اهـ. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 97784.
وينبغي بذل النصح لهؤلاء الجيران بالحسنى، فربما كانوا جهلاء فإذا علموا تعلموا، أو كانوا غافلين فإذا ذكروا تذكروا, فإن صلح حالهم وتركوا الأذية فذاك، وإن احتاج إلى رفع شكوى إلى الجهات المسئولة، ورجا أن يدفعوا عنهم شرهم فليفعل, وإن لم يحصل شيء من ذلك فليبحثوا عن سبيل للانتقال من هذا المكان، فأرض الله واسعة.
والله أعلم.