الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشهور عند أهل السير والأخبار أن أول من بنى البيت الحرام هم الملائكة؛ جاء في نظم البدوي:
أبنية الكعبة فيما شهرهْ حماد سبعة وقيل عشرهْ
أولها الأملاك ثم آدمُ ثم الخليل وابنه فجرهمُ
ثم قريش بعدهم نجل الزبيرْ عبد الإله ثم حجاج المبيرْ..الخ
ولم يرد ذلك في القرآن الكريم ولا في الأحاديث الصحيحة، وإنما وردت فيه بعض الأحاديث الضعيفة والآثار عن السلف؛ ولذلك اختلف أهل العلم فيها؛ جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني: " واختلفوا في أول من بنى الكعبة, فقيل: أول من بناها الملائكة ليطوفوا بها خوفًا من الله حين قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها (البقرة 30) الآية, وقيل: أول من بناها آدم عليه الصلاة والسلام ذكره ابن إسحاق، وقيل: أول من بناها شيث عليه الصلاة والسلام".
وأما قولك: لماذا لم يتم ذكره في القرآن مثلما ذكر الله إبراهيم عليه السلام, فجوابه من جهة أنه لم يثبت بناؤه لها من طريق صحيح، وعلى فرض ثبوت ذلك فإنه لا يلزم ذكره في القرآن، فالقرآن ليس سجلًا للتاريخ تدون فيه جميع الأحداث والوقائع التاريخية، وإنما يرد فيه من ذلك ما الله أعلم بوجه الحكمة في إيراده.
وللمزيد عن بناء الكعبة انظر الفتويين: 102778 - 117203 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.