الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالعربة وريعها تعتبر تركة تقسم بين جميع الورثة بلا استثناء, وكونه أعطى بعض الأبناء في حياته مالا ولم يعط الآخرين، فهذا لا يبرر للمحرومين أن يستأثروا بشيء من التركة, وما أعطاه أبوكم لبعض أبنائه دون آخرين، إن كان لهذا التفضيل مبرر من فقر أولئك الأبناء ونحوه، فإنها هبة صحيحة؛ وإن لم يكن لها مبرر فإنه قد خالف العدل الذي أمر به الشرع.
وقد اختلف العلماء في صحة الهبة التي لم يعدل فيها الوالد بين أولاده، فمنهم من قال بصحتها وهم الجمهور، ومنهم من قال ببطلانها. ولكن إذا مات الأب قبل ردها تثبت وتصير ملكا للموهوب له، وهذا قول الحنابلة، ومنهم من قال ترد ولو بعد موت الأب وهو إحدى الروايتين عن أحمد واختارها بعض الحنابلة، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد ذكرنا كلا القولين في الفتوى رقم: 161261 عن حكم رد ما وهبه الأب لبعض أولاده إلى التركة بعد وفاته, وانظر أيضا الفتوى رقم: 101286 والفتوى رقم: 103527 والفتوى رقم: 6242 .
مع التنبيه إلى أن المسائل التي فيها نزاع إنما تحل عند القضاء الشرعي، فهو المختص بالتدقيق في صحة الدعاوى والإلزام بالبينات ونحو ذلك.
والله تعالى أعلم.