الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت فيما قمت به من الابتعاد عنهم؛ لأن أول خطوة في صلاح الإنسان الابتعاد عن رفقاء السوء, إضافة إلى أنك إذا بقيت مخالطًا للفسقة فسوف تصيبك عدواهم فتلحق بهم، وتحسب عليهم, حتى ولو كنت لا ترضى صنيعهم، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالط" وقال مؤمل "من يخالل" رواه أحمد وغيره, والمسلم مطالب بالابتعاد عن المعاصي وأسبابها ومقدماتها وما يدعو إليها, قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 21], وانظر فتوانا رقم: 9163.
ولا يعد ما قمت به من سوء العشرة ولا من الهجر الذي يأثم به المسلم, قال العراقي في كتابه طرح التثريب: " ... وأما قوله: لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام, فمحله إذا كان الهجران لحظوظ النفس، وتعنتات أهل الدنيا, قال النووي في الروضة: قال أصحابنا وغيرهم: هذا في الهجران لغير عذر شرعي، فإن كان عذر بأن كان المهجور مذموم الحال لبدعة أو فسق أو نحوهما، أو كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور فلا يحرم، وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه الصحابة عن كلامهم، وكذا ما جاء من هجران السلف بعضهم بعض." انتهى.
وعليه؛ فلا ينطبق عليك حديث هجر المسلم أخاه لأنك إنما هجرتهم للحفاظ على التزامك ودينك.
نسأل الله تعالى أن يسددك, ويوفقك للاستمرار في التدين والالتزام, وأن يهدي أصحابك إلى الالتزام الكامل البعيد عن المعاصي.
والله أعلم.