الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحياة الزوجية لها في الإسلام شأن عظيم، فهي رباط مقدس، وقد سمى الله تعالى عقد الزواج ميثاقًا غليظًا, كما قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}، فأمر هذا شأنه لا ينبغي تعريضه للوهن لأتفه الأسباب, وشعائر الله حقها أن تعظم، وحرماته حقها أن تحفظ، قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32}.
ومن الطبيعي أن تحدث المشاكل والخلافات في الحياة الزوجية، ولكن المشكلة كل المشكلة في عدم التروي وتحكيم العقل في حلها, وإن كان زوجك قد أهانك أمام أهله وأساء إليك فهو مسيء بذلك وآثم، ولكن ما كان ينبغي لك التعجل إلى طلب الطلاق لأجل ذلك، وقد رأيت كيف كان عاقبة ذلك الندم, واستجداء الزوج للرجعة حين أوقع الطلاق.
ومن أفضل ما نوصيك به هو الصبر، فهو العدة عند البلاء، وفيه من الخير الكثير، وراجعي في فضله الفتوى رقم: 18103, ولا بأس بأن تسعي للرجوع لزوجك إن كان ثمة سبيل شرعي لذلك بأن لم تكن هذه الطلقة هي الثالثة، واستعيني في ذلك بالله أولاً ثم بالعقلاء وذوي الحكمة من أهلك وأهل زوجك، فإن أرجعك فذاك المطلوب، وإن رفض فلا تتبعيه نفسك، وقد ييسر الله لك زوجًا غيره، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.
وسؤالك بقولك: "هل أنا مذنبة؟" فإن كنت تقصدين من ناحية طلب الطلاق، فإن كان زوجك قد أهانك فعلاً، وتضررت من البقاء في عصمته؛ فذلك مما يسوغ لك طلب الطلاق، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 37112, وإن كنت تقصدين ردك الإهانة عليه، فإن كان من رد السيئة بمثلها من غير تجاوز للحد فلست مذنبة في ذلك، وراجعي في ذلك فتوانا رقم: 189933.
والله أعلم.