الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلتراجع المسلمين أسباب عديدة يأتي على رأسها الأسباب التالية:
1- تنازعهم ذهاب دولتهم، قال الله تعالى: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال:46]. قال جمع من المفسرين الريح الدولة، ولا شك أنه بسقوط الخلافة الإسلامية، تمزقت الأمة الإسلامية وضاعت دولتهم وقوتهم، وأصبحوا دويلات صغيرة، فقدت قرارها، وبسط العدو نفوذه على كثير من بلاد الإسلام فأخذ ثرواتهم، وسلب خيراتهم ورزع الشحناء والبغضاء بينهم، فأصبحوا يعيشون في حروب داخلية متواصلة مما أفقدهم بقية القوة التي يمتلكونها.
2- تغلغل الأفكار الهدامة والأحزاب التي تتبنى مناهج غريبة على الإسلام ومنافية لتعاليمه، وتم ذلك في ظل دعم من قبل أعداء الإسلام وغفلة من علمائه، وجهل من أبنائه، وإذا بالشباب خصوصاً والناس عموماً، يسيرون في طريق التراجع عن الإسلام، ويخفت نور الإيمان في قلوبهم بسبب حملات التشكيك المتواصلة، والإعلام الهابط من تلفاز ومجلات وجرائد وإنترنت وقنوات فضائية. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
3- إقصاء الشريعة من الحكم وتنحيتها من الواقع، وقيام بعض دول الإسلام بأخذ دساتير لبلدان كافرة وترجمتها وحكم المسلمين بها. والله تعالى يقول: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44].
4- الهزيمة النفسية أمام الأعداء: وأي أمة لا تستعمر إلا إذا كانت عندها القابلية لذلك. يقول الأمير شكيب أرسلان : من أعظم أسباب انحطاط المسلمين في العصر الأخير فقدهم كل ثقة بأنفسهم وهو من أشد الأمراض الاجتماعية، واخبث الآفات الروحية، لا يتسلط هذا الداء على أمة إلا ساقها إلى الفناء.
5- ظهور بعض الشخصيات القيادية التي لها دورها في المجتمع وقيامها بتنفيذ مخططات أعداء الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن حذيفة بن اليمان : ... دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: صفهم لنا، قال: هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا. إلا أن هؤلاء المفسدين يلمعون إعلامياً من قبل أعداء الدين والملة ويظهرون بمظهر المصلح الحريص، وصدق الله حيث قال:وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة: 11-12].
6- افتتان جماهير من المسلمين بالثقافات الغربية، وسعيهم في تقليدهم والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري.
7- حب الدنيا : ومتى ما أحبت النفوس الدنيا وشهواتها ولذائذها انصرفت عن معالي الأمور وانشغلت بسفاسفها وانصرفت عن الآخرة واقبلت على الدنيا وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الداء العضال في الحديث الذي روه الإمام أبو داود وغيره عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: أومن قلة نحن يؤمئذ؟ قال: بل أنتم يؤمئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت.
أما ما ذكرت من وجود بعض الاختلاف بين فصائل العمل الإسلامي فالذي نرجوه من الله تعالى أن يكون هذا الاختلاف اختلاف تنوع لا تضاد، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 4321، 5900، 6512.
والله أعلم.