الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يشغل جلَّ وقته بقراءة كتاب الله تعالى وتدبر معانيه، كما كان السلف الصالح يفعلون، وأن يختمه بحسب استطاعته مع مراعاة التجويد والتدبر، فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وقد كانت للسلف عادات مخلتفة فيما يقرءون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم، فكان بعضهم يختم القرآن في كل شهر، وبعضهم في عشرين يوما، وبعضهم في عشرة أيام، وبعضهم أو أكثرهم في سبعة، وكثير منهم في ثلاثة، وكثير في كل يوم وليلة، وبعضهم في كل ليلة، وبعضهم في اليوم والليلة ثلاث ختمات، وبعضهم ثمان ختمات، وهو أكثر ما بلغنا ـ إلى أن قال: والمختار أنه يستكثر منه ما يمكنه الدوام عليه، ولا يعتاد إلا ما غلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره، هذا إذا لم تكن له وظائف عامة أوخاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة كولاية وتعليم ونحوذلك فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك الوظيفة، وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف. انتهى.
وأما ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ فقد كان يختم القرآن في ثلاث، كما في التفسير من سنن سعيد بن منصور، وفي رواية له ولأبي عبيد في فضائل القرآن، والبيهقي في السنن: أنه كان يختم القرآن في رمضان في ثلاث، وفي غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة. قال ابن كثير في فضائل القرآن عن سند أبي عبيد: إسناده صحيح.
وقال الحافظ ابن حجر: أخرج ابن أبي داود عن عثمان وابن مسعود وتميم الداري: أنهم كانوا يختمون في سبع، بأسانيد صحيحة.
وقال النووي في التبيان: وأما الذين ختموا في الأسبوع مرة فكثيرون، نقل عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب ـ رضي الله عنهم ـ وعن جماعة من التابعين كعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله. اهـ.
والله أعلم.