الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن الزواج من أمور الخير، وفيه كثير من المقاصد الحسنة والأغراض النبيلة، ففي الزواج إعفاف المرء نفسه، وفيه أيضا سكنها واستقرارها، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
فهذه حقيقة، ولكن هنالك حقيقة أخرى لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان وهي أن الزواج مشوار طويل تعتريه كثير من العوارض فلا يبنى على مجرد العواطف، بل يحتاج إلى كثير من التفكر والروية، ويحتاج المرء فيه إلى مشورة من سبقه في هذا الطريق، والوالدان هما الأشفق على الولد والأحرص على مصلحته -في الغالب- ومن هنا ينبغي أن تكون وجهة نظرهما محل اعتبار عند الولد ما لم تعارضها مصلحة راجحة.
وعليه؛ فإذا كان الأمر مجرد منافسة منك لغيرك للظفر بهذه الفتاة، واعترض والداك على أمر الزواج، وكان لهما في ذلك مسوغ صحيح، فالواجب عليك طاعتهما ما لم تخش على نفسك الفتنة، وانظر الفتوى رقم: 93194.
ثم ما المانع من أن تخطبها، أو يعقد لك عليها من غير دخول حتى تتيسر الأمور.
وعلى كل حال فإن لم توفق إلى الزواج منها فابحث عن غيرها، فالنساء غيرها كثير، وقد يكون الخير في غيرها، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.