الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الغضب إذا بلغ حدًّا يفقد صاحبه الإدراك فإنه يمنع وقوع الطلاق, وأما إذا لم يفقد صاحبه الإدراك فطلاقه واقع، وانظر الفتوى رقم : 98385
وأما عدد الطلقات الواقعة: فالعبرة فيه بما تلفظت به وقصدته بلفظك، فإن كررت لفظ الطلاق مرتين قاصدًا طلقتين وقعتا، وإن كررت بقصد التأكيد ولم تقصد إيقاع الطلقة الثانية فلا يقع إلا طلقة واحدة، أما إذا كنتَ كررت اللفظ ولم تنوِ شيئًا محددًا فهذا يختلف باختلاف اللفظ الذي صدر منك، فإن كنت قلت لها: " أنت طالق أنت طالق" فقد وقعت عليها طلقتان، وأما إن كنت قلت: " أنت طالق طالق" فقد وقعت عليها طلقة واحدة.
قال ابن قدامة : " فإن قال أنت طالق طالق طالق، وقال أردت التوكيد قبل منه .. وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثًا، وإن لم ينوِ شيئا لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأتِ بينهما بحرف يقتضي المغايرة فلا يكنّ متغايرات"
وقال: " وإذا قال لمدخول بها: أنت طالق أنت طالق لزمه تطليقتان, إلا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن الأولى قد وقعت بها, أو التأكيد لم تطلق إلا واحدة, وإن لم تكن له نية وقع طلقتان, وبه قال أبو حنيفة ومالك وهو الصحيح من قولي الشافعي " المغني - (8 / 400)
وهذا كله على مذهب الجمهور, خلافًا لشيخ الاسلام ابن تيمية الذي يرى وقوع طلقة واحدة بهذه الألفاظ، وانظر الفتوى رقم : 54257
وعليه؛ فالحكم بإمكان مراجعتك لزوجتك يتوقف على معرفة عدد الطلاق الذي وقع منك، فإن وقع في المرة الأولى طلقتان فقد بانت منك زوجتك بالطلقة الأخيرة بينونة كبرى, ولا سبيل لك إليها إلا إذا تزوجت زوجًا غيرك - زواج رغبة لا زواج تحليل - ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها, أو يموت عنها, وتنقضي عدتها منه.
أما إذا كان الواقع في المرة الأولى طلقة واحدة - ولم يكن سبق لك طلاقها من قبل - ثم طلقتها في المرة الأخيرة طلقة واحدة رجعية، ففي هذه الحال يجوز لك مراجعتها قبل انقضاء عدتها دون حاجة لمعرفة أهلها، بل دون حاجة لرضاها أو معرفتها، وانظر الفتويين : 106067، 54195
والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوقين في بلدكم.
والله أعلم.