الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن صاحب المال حينما طلب من السائل بناء المسجد لم يكن يوصيه بعمل ذلك بعد موته، وإنما وكله في بنائه في حياته, وهناك فرق بين الوكيل والوصيِّ.
جاء في الموسوعة الفقهية: الوكالة عرّفها الشافعية بأنها: "تفويض شخص ما له فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته", والصلة بينهما ـ يعني بين الوكالة والوصاية ـ: أن كلاًّ منهما إقامة غيره مقام نفسه، إلا أن الوصاية تكون بعد الممات، والوكالة تكون في حال الحياة اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: الوصي من أذن له بالتصرف بعد الموت، والوكيل من أذن له بالتصرف في حال الحياة اهـ.
والوكالة تبطل بموت الوكيل إجماعًا، جاء في الموسوعة الفقهية: تبطل الوكالة بموت الموكل أو الوكيل باتفاق الفقهاء؛ وذلك لأن الموت مبطل لأهلية التصرف، فإذا مات الموكل أو الوكيل بطلت أهليته بالموت فتبطل الوكالة؛ ولأن الوكيل نائب عن الموكل في ماله، وقد انتقل هذا المال بالوفاة إلى ورثته، فلا يلزمهم ما باع أو اشترى اهـ.
وقد سئل الإمام أحمد – رحمه الله - عن الصدقة: إذا أعطى رجل لرجل دراهم يتصدق بها فلم ينفذ تلك الصدقة حتى مات صاحب الصدقة؟ قال: يرد ما بقي منها إلى ورثته. اهـ
وقال في موضع آخر: قلت: فإن أخرج فدفعه إلى رجل يتصدق به فلم يتصدق به حتى مات الدافع؟ قال: يرجع إلى ورثته؛ لأن هذا لم يتصدق به فهو ملك له، فما أنفذ منه فقد مضى, وما بقي منه رجع إلى ورثته. اهـ
وعلى ذلك فإنه يلزمك أن ترد المال إلى ورثة صاحبه، وتعلمهم بأمر المتوفى ببناء المسجد، فإن أكملوه فالحمد لله، وإلا لم يلزمهم.
والله أعلم.