الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجتيه الثمن فرضا -بينهما بالسوية- لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 12}.
والباقي للأبناء والبنات -تعصيبًاـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.
فتقسم التركة على ثلاثمائة وأربعة أسهم، للزوجتين ثمنها، ثمانية وثلاثون سهمًا، لكل واحدة منهما تسعة عشر، ولكل ابن ثمانية وعشرون سهمًا، ولكل بنت أربعة عشر سهمًا، وهذه صورتها:
الورثة أصل المسألة | 8 * 38 | 304 |
2 زوجة | 1 | 38 |
8 ابن 3 بنت |
7 |
224 42 |
وأما عن بقية السؤال؛ فإننا -أولًا- نشكر الأخ السائل لحرصه على معرفة حدود الله تعالى ورغبته في براءة ذمته، ونسأل الله أن يزيده هدى وتوفيقًا.
وبالنسبة للأرض التي سجلها الأب باسم بعض أبنائه: فاعلم أن الوصية للوارث ممنوعة في الشرع ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة الآخرين، فالأرض التي كتبها والدكم باسم بعض أبنائه ليأخذوها بعد مماته، تعتبر وصية لوارث، وليس لهم حق فيها إلا إذا رضي بقية الورثة بإمضاء الوصية، فإن لم يرضوا وجب قسمة تلك الأرض بين جميع الورثة القسمة الشرعية، وانظر الفتوى: 121878، عن الوصية للوارث، والفتوى: 170967، عن مذاهب العلماء في الوصية للوارث، والفتوى: 117675، عما يلزم الأبناء إذا كتب الأب ممتلكاته باسمهم دون البنات.
والأرض التي سجلها والدكم باسمه بعد أن انتزعها من أخيكم إن كانت في الأصل لأخيكم كما فهمناه من السؤال، فإنها إن كان في أخذ والدكم لها ضرر على أخيكم، وكان أخوكم محتاجًا إليها، فإن الأرض ترد له ولا تدخل في الميراث، لأن أخذ والدكم لها حينئذ لا يجوز ولا تنتقل به الملكية له، وقد نص أهل العلم على أن جواز أخذ الوالد من مال ولده مشروط بأن لا يضر به ولا تتعلق حاجة الولد بما أخذه منه والده -على تفصيلات كثيرة ذكروها-.
جاء في الموسوعة الفقهية عن حكم أخذ الوالد من مال ولده: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَالِدَ لاَ يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ شَيْئًا إِلاَّ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ... وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلأْبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ وَيَتَمَلَّكُهُ مَعَ حَاجَةِ الأْبِ إِلَى مَا يَأْخُذُهُ وَمَعَ عَدَمِهَا، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ لاَ يُجْحِفَ بِالاِبْنِ وَلاَ يَضُرَّ بِهِ، وَلاَ يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ، الثَّانِي: أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ فَيُعْطِيهِ وَلَدَهُ الآْخَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيل بْنِ سَعِيدٍ، وَذَلِكَ لأِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ مَال نَفْسِهِ، فَلأَنْ يُمْنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ الآْخَر أَوْلَى. اهــ.
فإذا كان في أخذ الأرض مضرة بالابن أو تعلقت بها حاجته، فإن انتزاع والده الأرض منه لا تنتقل به الملكية وترد الأرض إلى الولد، وانظر المزيد في الفتويين: 47345، 124193.
وإن لم يكن على الابن في انتزاعها مضرة ولم تتعلق بها حاجته فقد علمت -أيضًا- أن الجمهور لا يجيزون له انتزاع مال ابنه إن لم يكن محتاجاً إليه.
والله أعلم.