الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سب الرسول صلى الله عليه وسلم كفر أكبر مخرج من الملة ـ والعياذ بالله ـ كما بيناه في الفتويين رقم: 1845، ورقم: 77625.
وأما عن حال هذه المرأة: فمن الواضح أنها لم تقصد تنقص ولا سب الرسول صلى الله عليه وسلم ويدل لذلك نفورها من الأمر وانكسارها وبكاؤها واستغفارها منه لما علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل ما ذكر، وبناء عليه فلا تحصل الردة بما صدر منها دون قصد، لسب الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الردة التي يكفر بها المسلم هي شرح صدر الإنسان بالكفر، ويدل لذلك قول الله تعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:106}.
ومن دخل في الإيمان بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، وقد ذكر أهل العلم أيضا أن من فعل ما يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك كما قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا، إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتى والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي والحاكم. اهـ.
هذا وننبه إلى أن وصفهن بالقوارير ليس فيه امتهان لهن، وإنما فيه تنبيه على ضعفهن، كما قال ابن حجر في فتح الباري: والقوارير: جمع قارورة: وهي الزجاجة ـ سميت بذلك لاستقرار الشراب فيها، وقال الرامهرمزي: كنى عن النساء بالقوارير لرقتهن وضعفهن عن الحركة، والنساء يشبهن بالقوارير في الرقة واللطافة وضعف البنية. هـ.
والله أعلم.