الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا كان واقع الأمر ما ذكرت السائلة فإنها تكون قد أفطرت مطاوعة لزوجها وليست مكرهة طالما أنها لم تمانع ولم تحاول دفعه، والواجب عليها التوبة إلى الله تعالى وقضاء تلك الأيام، كما تجب عليها الكفارة في قول جمهور أهل العلم عن كل يوم طاوعته في الجماع فيه، ويرى بعض الفقهاء أن الكفارة تجب على الزوج فقط ولا تجب على المرأة، وهذا هو المرجح المفتى به في موقعنا، وانظري الفتوى رقم: 41607، في مذاهب العلماء فيمن أتى أهله في رمضان أعلى الزوجة كفارة؟ وكذا الفتوى رقم: 125159.
ويجب على زوجك أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه من تعمد الفطر في رمضان والجماع أثناء الحيض وأمره لك بالفطر، وكل واحدة من هذه الأمور ذنب عظيم تلزمه منه التوبة فكيف بها إذا اجتمعت؟! وهي ذنوب تدل على جرأته في تعدي حدود الله تعالى واستخفافه بحرمة الشهر، فعليه أن يتوب إلى الله تعالى، فإن لم يفعل وأصر على مجامعتك في رمضان والحيض فإنه لا خير لك في البقاء مع زوج فاجر لا يراعي حدود الله.
وقد نص الفقهاء على أن للمرأة طلب الطلاق عند حصول ضرر عليها من الزوج. قال الدردير في الشرح الكبير: وَلَهَا ـ أَيْ لِلزَّوْجَةِ ـ التَّطْلِيقُ عَلَى الزَّوْجِ بِالضَّرَرِ، وَهُوَ مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا كَهَجْرِهَا بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ وَضَرْبِهَا كَذَلِكَ وَسَبِّهَا وَسَبِّ أَبِيهَا، نَحْوُ يَا بِنْتَ الْكَلْبِ يَا بِنْتَ الْكَافِرِ يَا بِنْتَ الْمَلْعُونِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ وَيُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى التَّطْلِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا. اهــ.
بل قد يتعين عليك فراقه إذا لم ينته، لأن في الطلاق حينئذ إزالة لذلك المنكر، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن يطأ زوجته في دبرها: فإن هذا الفعل حرام فمتى توافق الزوجان عليه أو أكرهها عليه ولم يمكن منعه إلا بالتفريق بينهما تعين التفريق طريقا لإزالة هذا المنكر. اهــ.
وأما كيف تعلمين أن الله قبل توبتك فجوابه أن أمر قبول التوبة أو ردها يعتبر من أمر الغيب، ولكن العبد مأمور بالتوبة بشروطها وموعود بقبولها إن استوفى شروط التوبة، فأنت مأمورة بتحقيق التوبة بشروطها من الإقلاع والندم والعزم على عدم العودة، فإن حققت تلك الشروط فيُرجى أن يتوب الله عليك سبحانه وتعالى.
والله أعلم.