الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنريد أولا التنبيه إلى أن سرة الرجل ليست بعورة عند أكثر أهل العلم، وفي قول للشافعية أنها عورة، والصحيح من مذهبهم أنها ليست بعورة، وإليك بعض كلام أهل العلم في المسألة.
جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي متحدثا عن عورة الرجل: وليست سرته وركبتاه من عورته. نص عليه أحمد في مواضع. وهذا قال به مالك، والشافعي، وقال أبو حنيفة الركبة من العورة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الركبة من العورة» . ولنا ما تقدم من حديث أبي أيوب، وعمرو بن شعيب؛ ولأن الركبة حد فلم تكن من العورة كالسرة. وحديثهم يرويه أبو الجنوب، لا يثبته أهل النقل. وقد قبل أبو هريرة سرة الحسن، ولو كانت عورة لم يفعلا ذلك.
وفي المهذب للشيرازي الشافعي: والسرة والركبة ليستا من العورة، ومن أصحابنا من قال هما منها، والأول هو الصحيح، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته. انتهى.
وفي نهاية المطلب للجويني الشافعي: والمذهب أن السرة والركبة ليستا من العورة للرجل. وحكى العراقيون وجهاً غريباً عن بعض الأصحاب أن السرة والركبة من العورة، وزيفوا ما حكَوْه. وهو لعمري بعيد غير معدود من المذهب. انتهى.
ولعل من أدلة القائلين بكون السرة عورة كونها إحدى حدّي العورة فيجب أن تكون منها، أو لكون النظر إليها يثير الشهوة فيتعين سترها.
جاء في فتح القدير لابن الهمام: (قَوْلُهُ وَبِهَذَا ثَبَتَ أَنَّ السُّرَّةَ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ أَبُو عِصْمَةَ وَالشَّافِعِيُّ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَأَبُو عِصْمَةَ هُوَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَرْوَزِيِّ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ السُّرَّةَ أَحَدُ حَدَّيْ الْعَوْرَةِ فَتَكُونُ مِنْ الْعَوْرَةِ كَالرُّكْبَةِ.
إلى أن قال: فَالْمَذْكُورُ يَكُونُ تَعْلِيلًا لِأَبِي عِصْمَةَ، وَتَعْلِيلُ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ السُّرَّةَ مَحَلُّ الِاشْتِهَاءِ. انْتَهَى.
والله أعلم.