الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعرف اليوم بعلاقة الحب بين الشباب والفتيات هو أمر لا يقره الشرع، وهو باب فتنة وفساد، لكن إذا تعلق قلب الرجل بامرأة دون كسب منه أو سعي في أسبابه فلا حرج عليه، والمشروع له حينئذ أن يخطبها من وليها، فإن أجابه فبها ونعمت، وإن لم يتيسر له زواجها انصرف عنها إلى غيرها.
وعليه؛ فما حصل بينك وبين تلك الفتاة من علاقة بغير زواج هو منكر يستوجب التوبة إلى الله عز وجل، وإذا أردت زواجها ورفضها أبوك لغير مسوّغ فلا يلزمك طاعته في ذلك ولا سيما إذا كنت تتضرر من ترك زواجها، وانظر الفتوى رقم: 159343.
وأما إلزام والدك لك بالزواج ممن لا تريدها فلا حق له في ذلك، قال ابن تيمية: لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَة سَاعَة، وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ يُؤْذِي صَاحِبَهُ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ فِرَاقُهُ.
وإذا أردت طلاق زوجتك، لعدم محبتك لها فلا إثم عليك ـ إن شاء الله ـ قال ابن قدامة عند كلامه على أقسام الطلاق: ... والثالث: مباح وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها.
لكن الذي ننصحك به إن كانت زوجتك صالحة ألا تطلقها، وإذا لم يكن عليك ضرر في ترك الزواج من الفتاة الأخرى فلتطع والدك وتنصرف عنها وتدخل بزوجتك كما يريد أبوك، واعلم أنه ليس من لوازم الاختيار الصحيح للزوجة أن يشعر الخاطب نحو المخطوبة بعاطفة حب قوية، وإنما المعتبر صلاحها وحصول القبول بينهما، فلعل الله يجعل لك فيها خيرا كثيرا وتقر بها عينك.
والله أعلم.