الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل ما يضاف لله تعالى من قول أو فعل لا يعتبر مخلوقا، فكلام الله وأمره ونهيه، وحكمه وإيجابه، وتحريمه ليس مخلوقا، وقد مايز الله بين الأمر والخلق في قوله: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {الأعراف:54}.
وأما أفعال العباد ومنها استنباطاتهم واجتهاداتهم فهي مخلوقة مثل سائر أفعالهم، ومنها أصواتهم بالتلاوة لقول الله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ.
وقال البخاري: والقرآن كلام الله غير مخلوق، ثم ساق الكلام على ذلك إلى أن قال: سمعت عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة، قال البخاري: حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين، المثبت في المصاحف المسطور المكتوب، الموعى في القلوب، فهو كلام لله، ليس بخلق، قال: وقال إسحاق بن إبراهيم يعني بن راهويه: فأما الأوعية، فمن يشك في خلقها. قال البخاري: فالمداد والورق ونحوه خلق، وأنت تكتب الله فالله في ذاته هو الخالق، وخطك من فعلك وهو خلق لأن كل شيء دون الله هو بصنعه. اهـ.
والله أعلم.