الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه من وساوس، ثم نقول وبالله التوفيق:
مجرد تخيلك لحصول حركة في الدبر أو فرقعة كما سميتها ولم تتحقق كونها ريحا لا تأثير له في بطلان الوضوء، لأن الطهارة المحققة لا تبطل إلا بتيقن الحدث، ولأن الأصل عدم الخروج ما لم يثبت ما ينقل عن الأصل، لقوله صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه رجل أنه يخيل إليه خروج الريح فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية لمسلم في صحيحه: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وقوله صلى الله عليه وسلم: حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ـ معناه يعلم وجود أحدهما ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
وبخصوص الغازات التي تشعر بها كثيرا: فإن تحققت من خروجها بعد الوضوء فقد بطل، وإن كان ذلك أثناء الصلاة بطلت أيضا إلا إذا كان خروجها مستمرا بحيث لا تنقطع وقتا يتسع للوضوء والصلاة فينطبق عليها حينئذ حكم السلس، وقد ذكرنا تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 113561.
ولا يجب عليك بعد حبس الغازات الذهاب لتعلم هل خرج منك براز أم لا؟ والظاهر أن ما تشعر به هو من قبيل الوسواس فننصحك بالإعراض عن ذلك، وراجع الفتويين رقم: 51601، ورقم: 60471.
وبخصوص قراءة القرآن فلا ينبغي أن تتأثر بما تجده من غازات ونحوها فيجوز لك أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب أو من جهاز وأنت محدث، ولا يشترط الوضوء لذلك إلا إذا كنت تقرأ من المصحف، وراجع الفتوى رقم: 8599.
أما ما يتعلق بالدم السائل بسبب الجروح التي ذكرت فإنه يعفى عنه ولا يلزمك غسله من بدنك وثوبك إذا كان الدم قد سال بنفسه من غير سبب منك، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يعني أنه يعفى عن أثر الدمل الذي به والجرب ونحوهما من دم وقيح وصديد وماء سائل من نفط نار يصيب الثوب أو الجسد، لعسر الاحتراز منه إذا مصل بنفسه, وأما إن قشر حال سيلانه فلا يعفى عن أثره، لأنه أدخله على نفسه حيث كان كثيرا, وأما اليسير فهو معفو عنه كما في المدونة. انتهى.
وراجع المزيد في الفتويين رقم: 134899، ورقم: 175591.
والله أعلم.