الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، وأنه مهما كان العبد مسرفا على نفسه فإن باب فضله وجوده وبره وإحسانه إلى عباده لا يغلق في وجه أحد، فأحسن ظنك بربك تعالى، وأقبل عليه بإخلاص وصدق، واجتهد في دعائه بإلحاح كما كنت تفعل، وابذل وسعك في مرضاته سبحانه، ولا يصدنك الشيطان عن التوبة بهذه المزاعم الباطلة، بل تب إلى الله تعالى فورا، ولربما كان ما حصل لك ابتلاء من الله وامتحانا منه سبحانه يردك به إليه، ليمحصك ويطهرك من ذنوبك، ويتوب عليك توبة نصوحا، فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله، وادعه بما تحب من خير الدنيا والآخرة، واعلم أن الخير كله بيديه سبحانه فلا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، واعلم أن خوفك من الله وإشفاقك من ذنوبك أمر حسن، لكن لا ينبغي أن يصل بك هذا الخوف إلى حد اليأس من رحمة الله وسوء الظن به سبحانه، بل اقرن إلى هذا الخوف الرجاء في فضله سبحانه ورحمته وتعليق القلب ببره ولطفه وإحسانه سبحانه وبحمده، وربما كان ثناء الناس عليك وحبهم لك من عاجل بشراك إن شاء الله، فدع على الفور ما تعلمه من نفسك من الذنوب وأقبل على شأنك واشتغل بطاعة ربك مخلصا له سبحانه، محسنا ظنك به وثق أنه سبحانه لن يخيبك ولن يضيعك، نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.