الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تحريك للحلال وحذرك مما يغضب ذي العزة والجلال، ونسأله سبحانه ألا يزيغ قلبك بعد أن هداك للإيمان، وأن يكره إليك الفسوق والعصيان إنه هو القادر على ذلك وعليه التكلان، وأما ما سألت عنه حول تغطية الوجه فإنه مما اختلف فيه بين أهل العلم، لكن الراجح وجوب تغطيته بحضرة الأجانب لجملة من الأدلة بيناها في الفتوى رقم: 4470.
وما ذكرته من عدم الارتياح ربما بسبب عدم اعتيادك على ستره، وسيزول ذلك مع الوقت والتعود ـ بإذن الله ـ هذا مع التنبيه على أن المرأة لو كشفت وجهها لأنها ترى رجحان القول بجواز كشفه أو تقليدا لمن تثق بعلمه وورعه ممن لا يرى الوجوب فإنها لا تأثم بذلك، وستر الوجه لا شك أنه أحوط للمرأة، وأدعى للورع، وأبعد من الريبة، وأسلم لدينها وعرضها، فلا تعدلي به بديلا، وأما وعدك لربك أنه إن أخرجك مما كنت فيه فستضعين النقاب تقصدين ستر الوجه فهو نذر غير منعقد على القول بوجوب تغطية الوجه، لأن نذر الواجب لا ينعقد عند جماهير أهل العلم، قال الكاساني ـ رحمه الله ـ وهو من الحنفية في بدائع الصنائع: فلا يصح النذر بشيء من الفرائض سواء كان فرض عين كالصلوات الخمس وصوم رمضان، أو فرض كفاية كالجهاد وصلاة الجنازة، ولا بشيء من الواجبات .........لأن إيجاب الواجب لا يتصور.
وقال الدردير ـ رحمه الله ـ وهو من المالكية في الشرح الكبير: وإنما يلزم به أي بالنذر ما ندب أي طلب طلباً غير جازم. انتهى ممزوجا بكلام صاحب المختصر.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ـ رحمه الله تعالى ـ وهو من الشافعية في فتح الوهاب: وشرط في المنذور كونه قربة لم تتعين.
وقال المرداوي ـ رحمه الله ـ وهو من الحنابلة في الإنصاف: لا يصح النذر في محال ولا واجب، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب.
وأما على القول بعدم وجوب ستر الوجه فيلزمك الوفاء بنذرك وستر وجهك للزوم الوفاء بالنذر فيما هو مندوب إليه شرعا ولا يتحلل منه بكفارة اليمين إلا عند العجز عن الوفاء به، كما بينا في الفتويين رقم: 66833، ورقم: 29746
والله أعلم.