الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فقد ارتكبت أيها السائل ذنبا عظيما وعصيت الله تعالى في حرمه وبجواز بيته وأسأت إلى رحمك, فالواجب عليك أولا التوبة إلى الله تعالى.
وأما عن العمرة فما دمت متيقنا من الحدث الأكبر وفي شك من أنك تطهرت منه قبل أداء العمرة فاعلم أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وبالتالي فعمرتك غير صحيحة في قول جمهور أهل العلم لأن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط صحة في الطواف. جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ يَصِحُّ الطَّوَافُ مِمَّنْ كَانَ جُنُبًا، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ طَوَافَ الْجُنُبِ صَحِيحٌ وَلَكِنْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لأِنَّ الطَّهَارَةَ فِي الطَّوَافِ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ شَرْطًا وَإِنَّمَا هِيَ وَاجِبَةٌ ... اهــ .
فعلى قول الجمهور فأنت لم تزل على إحرامك فيجبُ عليك أن تكف عما يكفُ عنه المحرم، وتذهب إلى مكة فتطوف طواف العمرة, وتسعى بين الصفا والمروة أيضا لأن سعيك الأول لم يصح؛ إذ لا يكون السعي إلا بعد طواف صحيح، ثم تتحلل من عمرتك بالحلق أو التقصير، فإذا عجزت عن إتيان مكة فحكمك حكم المحصر تذبح دماً وتتحلل من نُسكك ؛ لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ {البقرة 196} , ولا يلزمك شيء لما فعلته من المحظورات إن كنت جاهلا بالحكم، غير أن الأحوط أن ما كان من المحظورات من قبيل الإتلاف ـ كقص الشعر وتقليم الأظفار ـ فعليك فيه الفدية، وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذبح شاة.
كما تلزمك فدية أيضا لما وقع منك من الإنزال والمباشرة.
قال النووي في المجموع: ومتى ثبت التحريم فباشر عمدا بشهوة لزمته الفدية، وهي شاة أو بدلها من الإطعام أو الصيام. اهــ
وقال ابن قدامة في المغني متحدثا عن الإنزال حال الإحرام: فأما إن أنزل فعليه بدنة, وبذلك قال الحسن وسعيد بن جبير والثوري وأبو ثور. وقال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر: عليه شاة لأنها مباشرة دون الفرج, فأشبه ما لو لم ينزل, ولنا أنه جماع أوجب الغسل فأوجب بدنة كالوطء في الفرج . اهـ.
وما دمت قد أخرجت شاة فنرجو أن يكون هذا مجزئا عما لزم بسبب الإنزال.
فيبقى عليك أن تعود لإكمال عمرتك، أو تذبح هديا إذا أحصرت عنها، فإذا لم تستطيع ذبح الهدي فعليك صيام عشرة أيام. .
والله تعالى أعلم