الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعلمين أن أخاك يستخدم هذا المال في شراء الدخان فلا يجوز لك إعطاؤه لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، ويسعك أن تستخدمي المعاريض للتخلص من طلبه المال، فتخبريه أنه ليس معك مال وأنت تقصدين لهذا الغرض الذي هو التدخين، وفي المعاريض مندوحة من الكذب.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُوَيْد بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَحَلَفْت أَنَّهُ أَخِي، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: {أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَصْدَقُهُمْ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ}. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنْ الْكَذِبِ}. يَعْنِي سَعَةَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي يُوهِمُ بِهَا السَّامِعَ غَيْرَ مَا عَنَاهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ. يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَكْذِبَ ; لِكَثْرَةِ الْمَعَارِيضِ، وَخَصَّ الظَّرِيفَ بِذَلِكَ ; يَعْنِي بِهِ الْكَيِّسَ الْفَطِنَ، فَإِنَّهُ يَفْطِنُ لِلتَّأْوِيلِ، فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الْكَذِبِ. انتهى.
واستمري في مناصحته وبيان حرمة الدخان وضرره العظيم لعل الله أن يهديه ويتوب عليه.
ولو قدر أنك لم تجدي وسيلة للتخلص من إجابته إلا بالكذب فإنه يجوز لك كما تقدم في الفتوى رقم: 136221.
والله أعلم.