الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة في الصلاة وغيرها، وفي كل عمل من أعمال الطاعات، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب:1}.
وقال صلى الله عليه وسلم: وصلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري.
ومن اتبع هديه صلى الله عليه وسلم في النوافل فقد وفق توفيقا عظيما، لكن الزيادة من نافلة الصلاة على الرواتب والسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست بدعة، ولا يعتبر عدم فعله للمزيد من النوافل التي سن أصلها ورغب فيها دليلا على عدم استحبابها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته وخوفا من المشقة عليهم، ومن أمثلة ذلك الاجتماع لصلاة التراويح وعموما فقد رغب النبي صلى الله في الإكثار من النوافل من غير تحديد، ففي صحيح مسلم: عن ربيعة بن كعب: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: فأعني على نفسك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة.
وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه...
وبهذا يعلم أن الإكثار من النوافل في غير أوقات النهي عن الصلاة مرغب فيه من غير تحديد وأن ترك المزيد منها بحجة أنها غير واردة عن رسول الله صلى الله ليس فهما صحيحا.
والله أعلم.