الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في كتابة هذا الإمام ما يدل على الشعوذة، فقد ذكر بعض أهل العلم أن من علامات المشعوذ أن يسأل الشخص عن اسمه واسم أبيه أو أمه حتى يخبره قرينه من الجن بحوائجه.
وكذا استعماله لما يسميه البعض خاتم سليمان، وقد نهى عن الرقية به علماء السلف.
جاء في طرح التثريب للعراقي: قال القاضي عياض: كان مالك ينفث إذا رقى نفسه وكان يكره الرقية بالحديدة والملح, والذي يعقد والذي يكتب خاتم سليمان .. اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح: وقال ابن التين: الرقي بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني، إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى، فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقي المنهي عنها التي يستعملها المعزم وغيره ممن يدعي تسخير الجن له، فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل، يجمع إلى ذكر الله وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم... فلذلك كره من الرقي ما لم يكن بذكر الله وأسمائه خاصة وباللسان العربي الذي يعرف معناه ليكون بريئا من الشرك وعلى كراهة الرقي بغير كتاب الله علماء الأمة.....اهـ. وروى ابن وهب عن مالك كراهة الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط والذي يكتب خاتم سليمان وقال لم يكن ذلك من أمر الناس القديم .... وسئل ابن عبد السلام عن الحروف المقطعة فمنع منها ما لا يعرف لئلا يكون فيها كفر. اهـ.
وقال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول في بيان ما تشرع الرقية به وما تمنع:
ثم الرقى من حمة أو عين *فإن تكن من خالص الوحيين
فذاك من هدي النبي وشرعته *وذاك لا اختلاف في سنيته
أما الرقى المجهولة المعاني *فذاك وسواس من الشيطان
وفيه قد جاء الحديث أنه *شرك بلا مرية فاحذرنه
إذ كل من يقوله لا يدري * لعله يكون محض الكفر
أو هو من سحر اليهود مقتبس *على العوام لبسوه فالتبس.
وقال في شرح هذه الأبيات: أما الرقى التي ليست بعربية الألفاظ ولا مفهومة المعاني ولا مشهورة ولا مأثورة في الشرع البتة، فليست من الله في شيء، ولا من الكتاب والسنة في ظل ولا فيء، بل هي وسواس من الشيطان أوحاها إلى أوليائه؛ كما قال تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ. وعليه يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. وذلك لأن المتكلم به لا يدري أهو من أسماء الله تعالى، أو من أسماء الملائكة، أو من أسماء الشياطين، ولا يدري هل فيه كفر أو إيمان، وهل هو حق أو باطل، أو فيه نفع أو ضر أو رقية أو سحر. انتهى.
وما زعمه هذا الرجل من وجود جبريل في الأرض رجم بالغيب ودليل آخر على شعوذته وكذبه، والمعروف أن مقر جبريل عليه السلا م في السماء . ولا ينزل إلا بالوحي أو لمهمة مكلف بها من الله تعالى.
وأما الصلاة خلف هذا الرجل فلا نحكم بعدم جوازها وصحتها حتى نحكم بكفره، بحيث يأتي في شعوذته بما يخرجه عن الإسلام وهذا لا نعلمه، وليس فيما ذكر عنه ما يصل إلى ذلك، وإن كان الأولى الحرص على الصلاة خلف من يوثق به من الأتقياء العلماء القراء. ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطأوا فلكم وعليهم. وفي رواية لأحمد بسند صحيح كما قال ابن حجر: فإن أصابوا فلكم ولهم. وراجع الفتوى رقم: 17776
والله أعلم.