الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على هذه الرؤيا المذكورة، ولكن تعبير الرؤيا جائز لمن كان على علم بها، وأما من ليس عنده خبرة بها وملكة في تعبيرها فلا يجوز له ذلك، فقد قال الإمام مالك: لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها.
وقال ناظم محارم اللسان:
عبر الرؤى جاهلها لو بالكتب إثم وإثم افتخار بالنسب.
وفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي قوله: ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها.
قال شارح الرسالة النفراوي في كتابه: الفواكه الدواني: لأنه يكون من الكذب، لأن الإخبار من غير العالم كذب، قال تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ {الإسراء: 36}.
ومفهوم كلامه أنه إن كان له علم بها بأن كان يعلم أصول التعبير ـ وهي الكتاب والسنة وكلام العرب وأشعارهم وأمثالهم ـ وكان له فضل وصلاح وفراسة، يجوز له حينئذ تعبيرها، ولا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتاب التفسير كما يفعله بعض الجهلة، يكشف نحو ابن سيرين عندما يقال له: أنا رأيت كذا، والحال أنه لا علم له بأصول التعبير، فهذا حرام، لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وأوصاف الرائين، فعلمها عويص يحتاج إلى مزيد معرفة بالمناسبات، وقد تقدم تنبيه المسلمين إلى الموقف من مثل هذه الرؤى في الفتوى رقم: 67482.
والله أعلم.