الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت متأكدا من أنك كنت تتلبس بالجنابة ولم تتيقن أنك كنت تتطهر منها ولم يكن ذلك وسوسة منك، فالظاهر أنك ملزم بقضاء الصلوات التي كنت تؤديها على غير طهارة لافتقادها شرطا من شروط صحتها وهو الطهارة، وذلك بناء على القاعدة الفقهية وهي أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والأصل هنا هو تحقق الجنابة، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين وهو ما لم يتم، فمن كان متطهراً ثم تيقن الحدث فإن الطهارة انتهت بحصول الحدث، وإذا تحقق الحدث وشك في الطهارة فالأصل بقاء الحدث.
ففي غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر للمؤلف أحمد بن محمد مكي الحنفي: الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. وَتَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْهَا: - مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ، وَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ فَهُوَ مُحْدِثٌ، كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا. انتهى.
وفي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع في الفقه الشافعي: من الْقَوَاعِد المقررة الَّتِي يَنْبَنِي عَلَيْهَا كثير من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة اسْتِصْحَاب الأَصْل وَطرح الشَّك وإبقاء مَا كَانَ على مَا كَانَ .. وَمن ذَلِك أَنه لَا يرْتَفع يَقِين طهر أَو حدث بِظَنّ ضِدّه.انتهى.
والواجب قضاء الصلوات المفروضة التي صليتها على تلك الحالة، بعد البلوغ، فإن عجزت عن معرفة عددها فتحر واقض من الصلوات ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن بأنك قد أبرأت ذمتك، وإنما يلزمك القضاء بما لا تتضرر به في بدنك أو في معيشة تحتاجها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : 177467، والمراد بالصلوات التي يجب قضاؤها الصلوات المفروضة، أما السنن فلا يجب قضاؤها لأنها نوافل.
والبلوغ يحصل بوجود إحدى علاماته ولو لم يبلغ الشخص سن الخامسة عشر.
ويرى بعض العلماء أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جاهلا به لم يلزمه القضاء، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ولك أن تأخذ به، لكن القول الأول أحوط وأبرأ للذمة، وانظر لتفصيل الخلاف في هذه المسألة الفتوى رقم: 109981 ، ورقم: 125226. وراجع فيما يفعله المستفتي إذا اختلفت عليه فتاوى المفتين فتوانا رقم: 5592.
والله أعلم.