الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن الزنا ذنب عظيم، وحصوله من المتزوجة أعظم إثما، وقد أحسنت بتوبتك إلى الله تعالى، وتذكري دائما سعة مغفرة الله، وأحسني الظن به، فمن تاب تاب عليه، فاحذري من أن يوقعك الشيطان في القنوط من رحمة الله، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}. وقال: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.
وأما ما أسميته إنهاء حياتك: فإن قصدت به الانتحار فلا تجعلي هذا الأمر يجول بخاطرك فضلا عن أن تفكري في تنفيذه، فإنك إن عرفت مصير المنتحر فررت من الانتحار فرارك من الأسد أو أشد، فحقيقة الانتحار الانتقال إلى الشقاء الأكبر وخسران الدنيا والآخرة، فهو ليس بدواء وإنما داء، كما بينا بالفتوى رقم: 10397.
ويجب عليك مع التوبة أن تستري على نفسك فلا تخبري بذنبك أحدا من الناس ـ لا زوجك ولا غيره ـ وهذا الحمل منسوب إلى زوجك، لأنه صاحب الفراش، وراجعي الفتوى رقم: 165925.
وما حصل مع الشرطة فقد حصل فلا تجعلي منه هاجسا يستغله الشيطان في إيقاعك فيما لا تحمد عقباه، بل اجتهدي في محاولة تناسي الأمر، وكوني على حذر من الوقوع في أسباب الفتنة مرة أخرى، وأكثري من عمل الصالحات، واحرصي على العمل النافع ومصاحبة الخيرات، والذي يقيم الحدود هو السلطان المسلم الذي يقيم شرع الله، ولا يجب على من وقع في ما يوجب الحد أن يعترف حتى يقام عليه الحد، ولا يعتبر اعترافك أمام الشرطة موجبا لإقامة الحد، بل ذكر أهل العلم أن المقر يستحب له الرجوع عن إقراره، وأنه لو رجع ولو في أثناء إقامة الحد عليه سقط عنه الحد.
قال الهيتمي في تحفة المحتاج وهو في الفقه الشافعي: أما المقر فيستحب له الرجوع لما مر، فإن رجع عن الإقرار ولو بعد الشروع في الحد سقط عنه الحد لتعريضه صلى الله عليه وسلم لماعز بالرجوع بقوله: لعلك قبلت، لعلك لمست، أبك جنون؟ ولأنهم لما رجموه قال ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعوا وذكروا ذلك له صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه. اهـ.
فاستري إذن على نفسك، واحرصي على تربية أولادك على الخير والفضيلة، وأحسني تعليمهم وتويجههم حتى يكونوا قرة عين لك في الدنيا والآخرة، فمن دعاء الصالحين ما حكاه الله في القرآن في قوله سبحانه: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}.
والله أعلم.