الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن ختم القرآن الكريم من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، فقد روى الترمذي وغيره عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رجل: يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الحال المرتحل، قال وما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل. والحديث تكلم أهل العلم في سنده ولكن فضل تلاوة القرآن على العموم معلومة من نصوص الوحي.
ولم نقف على حديث يرغب في ختم القرآن في ثلاثة أيام، اللهم إلا أن يكون قصد السائل ما رواه عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث. رواه الترمذي وأبو داود والدارمي، وصححه الألباني.
قال العلماء: ولا يفهم من الحديث أن قراءته في أقل من ثلاث لا تجوز، إذ المنفي في الحديث هو الفقه والفهم وليس ثواب القراءة، فلا يلزم من عدم فهمه في أقل من ثلاث عدم قراءته أو حرمتها في أقل منها.
وقال النووي في التبيان في آداب حملة القرآن: ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها، وكان السلف ـ رضي الله عنهم ـ لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه؛ فروى ابن أبي داود عن بعض السلف ـ رضي الله عنهم ـ أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة، وعن بعضهم في كل شهر ختمة، وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة، وعن بعضهم في كل ثمان ليال، وعن الأكثرين في كل سبع ليال، وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين، ومنهم من كان يختم ثلاثا، وختم بعضهم ثمان ختمات، أربعا بالليل وأربعا بالنهار، فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي.... اهـ
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 122559.
والله أعلم.