الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكر في هذا الحديث هو منزلة أدنى أهل الجنة درجة، وقد جاء في أول الحديث: منهم من يمر كطرفة العين ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرجل حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص، فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحدا إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها. قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول له أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول رب جعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها، قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأي منزل أحسن منه، فيعطاه فينزله ويرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه إليه حلم قال رب أعطني ذلك المنزل فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك يا رب وأي منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ثم يسكت فيقول لله جل ذكره ما لك لا تسأل فيقول رب قد سألتك حتى استحييتك وأقسمت حتى استحييتك فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله. قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك . فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن. . قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه. قال فيقول الرب جل ذكره لا ولكني على ذلك قادر سل فيقول ألحقني بالناس فيقول الحق بالناس فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا... إلى آخر الحديث.
أما أهل الدرجات العلا فإن الله تعالى أعد لهم من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ كما جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قال أبو هريرة -في بعض روايات الحديث – "واقرؤوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون. ".
وانظر الفتوى: 165593.
والحديث المذكور صححه الألباني؛ وقال عنه في صحيح الترغيب والترهيب: رواه ابن أبي الدنيا والطبراني والحاكم هكذا عن ابن مسعود مرفوعا. وآخره من قوله: إن الله جل ذكره خلق دارا إلى آخره موقوفا على كعب، وأحد طرق الطبراني صحيح واللفظ له، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه"
والله أعلم.