الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا العهد المذكور مجرد حديث نفس لم يصحبه تلفظ باللسان فلا يترتب عليه شيء، لأن الله تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم كما ثبت في الصحيحين، وإن كنت تلفظت بكونك تعاهدين الله على المواظبة على قيام الليل، فإن هذا يعتبر نذرا أو يمينا وقد بسطنا الكلام عليه في الفتوى رقم: 29746.
وإن كان المرض يمنعك من القيام فنوصيك بالعزم على القيام دائما وإذا لم تستطيعي فنرجو أن يكتب الله لك الأجر، لما في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما.
وقال النووي رحمه الله: ينبغى له أن ينوي عند نومه قيام الليل نية جازمة ليحوز ما ثبت في الحديث الصحيح عن أبي الدرداء ـ رضى الله عنه ـ يبلغ به النبي صلي الله عليه وسلم قال: من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه ـ رواه النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح على شرط مسلم. انتهى.
ثم إن قيام الليل سنة مؤكدة وليس واجبا على من لم يوجبه على نفسه، ومن أراد القيام وغلبه النعاس فمن السنة ترك الصلاة، والخلود إلى النوم حتى يذهب النعاس، وتؤدي الصلاة بخشوع وحضور قلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يستغفر فيسب نفسه. متفق عليه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا والجمهور. اهـ.
وراجعي في فضل القيام والوسائل المعينة عليه الفتويين رقم: 158493، ورقم: 19808.
والله أعلم.