الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد استوفينا القول في مذاهب العلماء في سجود السهو في الفتوى رقم: 139262 ، فانظرها، فعلى قول من يرى سنية سجود السهو فلا إشكال، ولا تبطل صلاة هذا الشخص سواء نسي السجود قبل السلام أو تعمد تركه، وعلى القول بوجوب سجود السهو، فإن كان هذا الشخص نسي السجود قبل السلام ولم يذكره إلا بعد السلام والكلام فليسجد ما لم يطل الفصل ولا شيء عليه.
قال ابن قدامة: إذا نسي سجود السَّهْوِ، ثُمَّ ذَكَرَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، سَوَاءٌ تَكَلَّمَ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ... لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام. رواه مسلم. انتهى.
وأما إن تعمد ترك سجود السهو الذي محل أفضليته قبل السلام فإن كان عازما على الإتيان به بعد السلام لم تبطل صلاته وإن لم يأت به، وأما إن لم يكن عازما على الإتيان به بعد السلام بطلت صلاته، هذا حاصل مذهب الحنابلة في المسألة.
جاء في الروض مع حاشيته: (وتبطل) الصلاة (بـ) تعمد (ترك سجود) سهو واجب (أفضليته قبل السلام فقط) أي: ندب كونه قبل السلام، فتبطل الصلاة بتعمد تركه، كتعمده ترك واجب من الصلاة، لا إن عزم على فعله بعد السلام فسلم ثم تركه فلا تبطل. انتهى.
وأما الحنفية فمذهبهم أن سجود السهو كله بعد السلام، وإذا تكلم قبله فات السجود ولا تبطل الصلاة لأنه واجب لا تبطل بتركه الصلاة عندهم.
قال في المحيط البرهاني: وإن تكلم أو خرج من المسجد لا يأتي بهما؛ لأنه خرج عن حرمة الصلاة على الثبات وبقاء حرمة الصلاة شرط لأدائهما، ولا تفسد صلاته؛ لأن سجود السهو ليس بركن، بل هو واجب، وترك الواجب لا يوجب فساد الصلاة. انتهى. والخلاصة أن صلاة هذا الشخص لا تبطل إلا إن تعمد ترك سجود السهو الذي محل أفضليته قبل السلام ولم يكن عازما على الإتيان به بعده في قول الحنابلة.
والله أعلم.