الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك حرصك على الخير ورغبتك فيه، وعلى أن تكوني من أهل الفردوس الأعلى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم. ولكي يكون المسلم من أهل الفردوس ينبغي له تحقيق الإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى:إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا {الكهف:107}.
واحرصي على الصبر والمداومة على ما تطيقين، فإن المداومة على القليل من الطاعة خير من الكثير المؤدي إلى الانقطاع عنها.
ففي الصحيحين واللفظ للبخاري:سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل. وقال: اكلفوا من الأعمال ما تطيقون. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته.
فالقصد القصد تبلغي، فسددي وقاربي، واكلفي من العمل ما تطيقين، فان وجدت نشاطا فزيدي من العمل ما يمكنك الدوام حتى إذا ألفته واعتادته نفسك فزيدي غيره وهلم جرا، وتدرجي بنفسك شيئا فشيئا حتى تصلي للكمال إن شاء الله، وهذا هو علاج الفتور الذي يعقب الجد والكسل الذي يتلو النشاط.
قال الحافظ في شرح قوله: ولن يشاد الدين إلا غلبه: والمشادة بالتشديد المغالبة، يقال شاده يشاده مشادة إذا قاواه، والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب، قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته. انتهى.
وأما النعاس فإذا كان نعاساً معتاداً، فمن السنة ترك الصلاة، والخلود إلى النوم حتى يذهب النعاس، وتؤدى الصلاة بخشوع وحضور قلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يستغفر فيسب نفسه. متفق عليه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس . اهـ
وإذا كان النعاس المذكور خارجاً عن المألوف، فينبغي السعي في علاجه بالأمور المفيدة في هذا المجال، والتي هي مفصلة في الفتوى رقم: 51414.
والله أعلم.