الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج في الأصل مندوب إليه شرعاً، وفيه معنى العبادة، قال العيني: لأن فيه معنى العبادة، فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار والآثار في توعد من رغب عنه وتحريض من رغب فيه. وقال ابن قدامة: النكاح من سنن المرسلين وهو أفضل من التخلي منه لنفل العبادة.
ولكي يؤجر العبد ويعظم أجره في الزواج وما يترتب عليه، فعليه أن يخلص النية لله تعالى ويقصد مرضاته، فإن النية تجعل المباح عبادة يؤجر العبد عليها، قال النووي: وَفِيهِ أَنَّ الْمُبَاحَ إِذَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى صَارَ طَاعَةً وَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَتَّى اللُّقْمَةُ تَجْعَلُهَا فِي فِيِ امْرَأَتِكَ.... وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا فَعَلَ شَيْئًا أَصْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَقَصَدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى يُثَابُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَالْأَكْلِ بِنِيَّةِ التَّقَوِّي عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّوْمِ لِلِاسْتِرَاحَةِ لِيَقُومَ إِلَى الْعِبَادَةِ نَشِيطًا، وَالِاسْتِمْتَاعِ بِزَوْجَتِهِ وَجَارِيَتِهِ لِيَكُفَّ نَفْسَهُ وَبَصَرَهُ وَنَحْوِهِمَا عن الحرام وليقضي حقها وليحصل وَلَدًا صَالِحًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ.
فإذا قصدت المرأة بالزواج امتثال الشرع وإعفاف نفسها وطلب الولد الصالح كان ذلك عملا صالحا تؤجر عليه ـ بإذن الله ـ ، وعند اختيار الزوج تمتثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. رواه ابن ماجه والترمذي.
وبعد الزواج تؤدي حق زوجها وتعاشره بالمعروف طاعة لربها، وفي كل المراحل تتمسك بدينها وتجتنب ما يغضب ربها، فبعد الخطبة وقبل العقد تعامله معاملة الأجانب فلا خلوة ولا ملامسة ولا كلام بغير حاجة، وتجتنب حفلات الزواج الماجنة التي تشتمل على المنكرات، وراجعي الفتوى رقم: 113810.
وعليها طاعة زوجها في المعروف ولا يجوز لها طاعته في معصية الله، ولا يجوز أن تتزين له بما يغضب الله.
والله أعلم.