الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على غيرتك على عرضك، وحرصك على صيانة أمك وأختك من الوقوع في الحرام، وهي علامة على كمال الرجولة والشهامة، وسمة من سمات أهل الإيمان، فجزاك الله خيرا، وقد قدمنا منع النساء من الخروج بالملابس الضيقة التي تصف الأعضاء، ومنع وضع المكياج عند الخروج من البيت وهي كاشفة وجهها في الفتاوى التالية أرقامها: 6745، 4052 17394، 32094، 20766.
وأما أنت فلم تقع في الدياثة، لأنك تكره ما ذكرت، ولا تقره، والديوث وهو الذي يقر الخبث في أهله، فقد فسره ابن منظور في لسان العرب بقوله: والديوث الذي يدخل الرجال على حرمته بحيث يراهم كأنه ليّن نفسه على ذلك، وقال ثعلب هو الذي تؤتى أهله وهو يعلم. انتهى.
والذي ننصحك به في هذا المقام هو أن تكرر النصح لأمك ليلا ونهارا، وتذكرها بالله وبآياته وأحكامه وأيامه، وتحذرها شؤم المعصية ومغبّة المخالفة، مع الحرص على أن يكون كلامك معها بالرفق واللين، لا تشوبه شائبة عنف ولا غلظة فحق الأم عظيم، بل هو أعظم الحقوق على الإطلاق بعد حق الله ورسوله: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وقل لها: إن التبرج من صفات أهل النار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. رواه أحمد ومسلم.
وقل لها: إن التبرج نفاق، قال صلى الله عليه وسلم: وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات. رواه البيهقي وهو صحيح.
وبين لها خطورة الأمر وضرورة الأخذ بيد بنتها من أوحال المعصية وحملها إلى حياض الفضيلة، وأن تركها على هذا الحال من تضييع الأمانة والتفريط في المسؤولية، وثبت في الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري ومسلم.
فإن لم تستجب لك وأعرضت عن نصحك، فيمكنك الاستعانة ببعض من يمكنه التأثير عليها كأبيها أو أخيها أو أحد من أخوالها أو أعمامها، أو بعض النساء الصالحات في بلدكم ممن له دراية بالعلم ودور في الدعوة إلى الله سبحانه، فإن لم تستجب فقد أديت ما عليك، ويبقى دورك في مصاحبتها بالمعروف والإحسان إليها والبر بها، ثم كثرة الدعاء لها منك ومن سائر إخوتك أن يهديها الله وأن يأخذ بناصيتها إلى سواء السبيل.
واحرص كذلك أن تكلم أختك وتبين لها خطر التكاسل عن الصلاة، فقد ثبت الوعيد الشديد في شأن تركها أو التهاون بها، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4ـ 5}.
وقال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.
وتاركها تهاوناً أو تكاسلاً مع إقراره بوجوبها قيل بكفره أيضاً وقيل لا يكفر بذلك وهو مذهب الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 130853.
والله أعلم.