الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمذهب جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ أن الطلاق يقع أثناء الحيض، وبالتالي فالطلقة الواقعة أثناء الحيض نافذة عند الجمهور وهو القول الراجح المفتى به عندنا خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 110547.
وبالنسبة لقول زوجك: بعد انقطاع الحيض اعتبري نفسك مطلقة عند ما تغتسلين ـ فإن لم يقصد به طلاقا جديدا، بل قصد الإخبار عن الطلاق الأول أو قصد التهديد ونحوه فلا يترتب عليه شيء جديد، وإن قصد إنشاء طلاق جديد فهو نافذ إن حصل المعلق عليه، كما سبق في الفتوى رقم: 134700.
فإذا اغتسلت وقعت عليك الطلقة، والحيضة التي وقع فيها الطلاق لا تحسب من العدة بإجماع أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني:.. أن الحيضة التي تطلق فيها، لا تحسب من عدتها بغير خلاف بين أهل العلم، لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة، فلا يعتد بها، ولأن الطلاق إنما حرم في الحيض، لما فيه من تطويل العدة عليها، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءا، كان أقصر لعدتها، وأنفع لها، فلم يكن محرما. انتهى.
وبناء عليه، فلا تخرجين من عدتك إلا بثلاث حيضات بعد مضي الشهر الذي لم يحصل فيه حيض وهذا الشهر لا يقوم مقام شيء من العدة، لأن عدتك بالحيض لا بالأشهر ولا بالطهر وبالتالي، فهذا الشهر داخل في زمن العدة، ولا يجب عليك إخراج المانع لكن لا تنقضي عدتك حتى يعود الحيض وتتمي ثلاث حيضات، قال ابن قدامة: وإن عرفت ما رفع الحيض، كانت في عدة حتى يعود الحيض، فتعتد به، إلا أن تصير من الآيسات، فتعتد بثلاثة أشهر من وقت تصير في عداد الآيسات، أما إذا عرفت أن ارتفاع الحيض بعارض، من مرض، أو نفاس، أو رضاع، فإنها تنتظر زوال العارض وعود الدم وإن طال، إلا أن تصير في سن الإياس.
وبناء على ما سبق، فإن الطلقة الأولي نافذة على القول الراجح كما أن الثانية واقعة أيضا إذا نواها زوجك، على مذهب الجمهور الذي يرى أن الرجعية يلحقها الطلاق فيمكنك سؤاله هل قصد طلاقا أم لا، وله أن يراجعك قبل تمام العدة إذا لم يكن مجموع الطلاق قد وصل ثلاثا، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.
والله أعلم.