الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد أسرفت على نفسك وارتكبت من الذنوب ما أوجب لك مثل هذه الفضيحة وتلك الحال المؤلمة فاعلمي -عافاك الله- أن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد مهما عظم ذنبه وكبر جرمه، فأقبلي على ربك وتوبي إليه واجتهدي في طاعته والتقرب إليه بفعل الفرائض والإكثار من النوافل، واشغلي فراغك بما يعود عليك بالنفع في دنياك وآخرتك من ذكر الله تعالى وتعلم العلم النافع، والاجتهاد في حفظ القرآن ونحو ذلك من صنوف البر، والذي ننصحك به هو أن تجعلي الهموم كلها هما واحدا، فلا تفكري في الناس ولا في رضاهم وسخطهم، وليكن همك الوحيد هو مرضات ربك تعالى، وثقي بأنه تعالى متى اطلع على صدق توبتك وإخلاصك له وجدك في الإقبال عليه يسر أمرك وفرج كربك وأزال عنك الهم وصرف عنك كيد من يريدك بالسوء، فإنه من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس. وإن كان إيمانك كما تقولين ضعيفا فاجتهدي في تقويته بالأخذ بأسباب زيادة الإيمان من تعلم العلم النافع وقراءة القرآن بالتدبر، ولزوم الذكر والإكثار من النوافل، وصحبة أهل الخير إن أمكن، وأما من يهزأ بك ويقول إن الله لا ينظر إليك فلا تلتفتي إليه ولا إلى قوله، فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء وهو تعالى رؤوف رحيم بر لطيف كريم، فأحسني ظنك به فإنه تعالى عند ظن العبد به.
وأما كيد أخواتك لك فذكريهن الله تعالى، وبيني لهن أنك تبت من ذنبك ذاك، وأعلميهن أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأنهن إن لم يتقين الله فهن على خطر عظيم، فإن انتهين وكففن فالحمد لله، وإلا فاستعيني بالله تعالى على تفريج كربك، وثقي أنه تعالى لن يضيعك ولن يخذلك ما دمت مقبلة عليه صادقة في توبتك إليه، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ {النحل:128}، وقال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران:120}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك. فتوكلي على الله واستعيني به وأصلحي ما بينك وبينه عالمة أنه تعالى مالك الملك، وأنه تعالى لا يعجزه شيء فهو سبحانه على كل شيء قدير. وسيسوق بمنه ولطفه وكرمه إليك الرزق الحسن من زوج وغيره فإنه بيده سبحانه ملكوت كل شيء. ولا تحزني ولا تأسي فربما كان هذا البلاء من الله تعالى لتمحيصك وتكفير خطيئتك ورفع درجتك. والله يتولاك برحمته ويكلؤك بحفظه وعنايته.
وأخيرا ننبهك إلى خطأ قول: لولا لطف الأقدار... فإن الأقدار ليس لها لطف، بل اللطف إنما هو لله وحده.
والله أعلم.