الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأذية المسلمين ورميهم بما هم برآء منه من البغي والظلم الذي توعد الله عز وجل فاعله بالعقوبة العاجلة والآجلة، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.
وروى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: وَمَنْ قالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ الله رَدْغَة الخَبَالِ حَتَّى يَخْرُج مِمَّا قالَ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ. وروى أحمد و أبو داود وغيرهما عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرَ أَنْ يُعَجِّلَ الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يَدَّخِرُهُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ. والنصوص في هذا المعنى كثيرة جدا، وبه يتبين لك عظيم ما اقترفته من الجناية بطعنك في هذه المرأة ورميك إياها بما هي بريئة منه، وما وقع بك لعله بعض عقوبة الله العاجلة، ويخشى أن يكون ما ينتظرك في الدنيا والآخرة أعظم وأفدح خطبا، فبادر بتوبة نصوح قبل أن يبغتك الأجل ويحول الموت بينك وبين ما تشتهي من التوبة فتعض أصابع الندم ولات ساعة مندم. والقصاص يوم القيامة ليس بالدرهم والدينار إنما هو بالحسنات والسيئات. فخف على نفسك واحذر عقوبة ربك، ومن حق هذه المرأة عليك أن تكذب نفسك فيما رميتها به وأن تبرئها مما ألصقته بها من التهم وتزيل عنها ما ألحقته بها من الضرر ما دام ذلك في وسعك، ولا تتم توبتك وتكفر عنك خطيئتك إلا بهذا مع الندم على ما اقترفته من الإثم والعزم على عدم العودة إلى مثله.
والله أعلم.