الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نية الصلاة المعينة شرط في صحة الصلاة، فلو لم ينو المصلي الصلاة المعينة لم تصح صلاته، وكذا لو نوى غيرها من باب أولى.
قال الشيرازي في المهذب: فَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَةً لَزِمَهُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فَيَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا. انتهى.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد: وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَعْيِينِ شَخْصٍ الْعِبَادَةَ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الصَّلَاةِ إِنْ عَصْرًا فَعَصْرًا، وَإِنْ ظُهْرًا فَظُهْرًا. انتهى.
وقال الزركشي في شرحه على الخرقي: ولا بد من تعيين الصلاة [فتعين] أنها ظهر، أو عصر، أو غير ذلك لتتميز عن غيرها، هذا منصوص أحمد. انتهى.
وعليه فلو تيقنت بعد الصلاة أنك نويت بها الظهر وكانت العصر فقد تيقنت بطلان صلاتك، وأنها فقدت شرطا من شروط صحتها وهو النية فلزمك إعادتها. ولكن لو كان الذي يعرض لك مجرد شك في أنك هل نويت الظهر أو العصر فإن هذا الشك لا يؤثر إذا كان بعد الفراغ من العبادة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فلو أن رجلاً بعد أن صَلَّى الظُّهر قال: لا أدري هل نويتُها ظُهراً أو عصراً شكّاً منه؟ فلا عبرة بهذا الشكِّ ما دام أنَّه داخل على أنها الظُّهر فهي الظُّهر، ولا يؤثِّر الشَّكُّ بعد ذلك، ومما أُنشِدَ في هذا:
والشَّكُّ بعد الفعل لا يؤثِّرُ * وهكذا إِذا الشُّكوكُ تكثُر . انتهى.
والله أعلم.