الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نجد لهذا الحديث أصلاً لا في الصحيحين، ولا في السنن، ولا في المسانيد، ولا في غير ذلك.
وعلامات الوضع ظاهرة عليه، ويكفي في ظهور وضعه أن الذين يشتغلون باللهو والأغاني في أوقات الصلوات كثيرون جداً، ومع ذلك فإن منهم من هم أغنياء، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالف -ولن يخالف- الواقع بحال، لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
والنهي عن المعازف سواء في أوقات الصلاة أو غيرها، قامت عليه أدلة صحيحة، كالحديث الذي رواه البخاري معلقاً مجزوماً به: ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمور والمعازف. ولا حاجة لاختلاق أو نشر أحاديث مكذوبة في شأنه.
أما وقد قمت بنشر هذا الحديث بين الناس، فإن استطعت أن تصلح ما فعلت بأن تجمع ما بقي من أوراق فتتلفها فحسن، أو تخبر من وزعت عليهم الحديث في السابق أن ذلك ليس بحديث، إن استطعت ذلك فافعله وهو الواجب عليك مع التوبة إلى الله، وتوبتك إن شاء الله مقبولة ولو ظل الأثر السيء لما قمت به باقياً، فقد نص العلماء على أن من تاب من ذنب بعد أن تعاطى سببه، فقد أتى بما هو واجب عليه، وإن بقي أثره، كمن رجع عن بث بدعة بعد أن كثر أتباعه فيها، وإلى هذا أشار صاحب مراقي السعود بقوله:
من تاب بعد أن تعاطى السببا فقد أتى بما عليه وجبـا
وإن بقي فساده كمن رجـع عن بث بدعة عليها يتبع
والواجب عليك أن تستوثق من صحة ما يُنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قبل طبعه ونشره، وليس كل ما يسمع في القنوات والإذاعات صحيح، فإذا أردت نشر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فقم بعرض ذلك على أهل العلم المتخصصين في الحديث النبوي، فالله تعالى يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7].
يقول الحافظ العرافي في كتاب (الباعث على الخلاص من حوادث القصاص ص 115): فلا يحل لأحد ممن هو بهذا الوصف (العوام وغير المتخصصين) أن ينقل حديثاً من الكتب؛ بل ولو من الصحيحين ما لم يقرأه على من يعلم ذلك من أهل الحديث.
والله أعلم.