الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغش والخديعة ليست من أخلاق المسلم فقد قال تعالى: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {المائدة:8}، والمسلمون في تلك البلاد مواطنون كسائر المواطنين لهم ما للمواطنين وعليهم ماعليهم، وبينهم وبين الدولة عهود ومواثيق، وراجع الفتوى رقم: 97466 ، ولو كان هناك اعتداء أوظلم من جهة ما فلا يجوز مؤاخذة غيرها بجريرتها كما هو مقتضى الآية السابقة.
والأصل في المسلم كونه يمثل الإسلام في معاملاته وأخلاقه، وكثير من البلاد الإسلامية إنما فتحت بالأخلاق وحسن المعاملة التي أظهرها التجار المسلمون لما دخلوا تلك البلاد ، وغش الكافر في التجارة من المسلم وأكل ماله بالباطل من أسباب صده عن سبيل الله وتشويه للدين الحنيف، وتنفير عن الدخول فيه.
وقد أشار الحافظ ابن كثير إلى دقيقة حسنة في تفسير قوله تعالى:وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النحل:94}،
قال ابن كثير رحمه الله ما عبارته: ثم حذر تعالى عباده عن اتخاذ الأيمان دخلا أي خديعة ومكراً، لئلا تزل قدم بعد ثبوتها: مثل لمن كان على الاستقامة فحاد عنها وزل عن طريق الهدى، بسبب الأيمان الحانثة المشتملة على الصد عن سبيل الله، لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به، لم يبق له وثوق بالدين، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام، ولهذا قال: وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم. انتهى.
وقد أخرج مالك في موطئه أن ابن رواحة رضي الله عنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لخرص نخل اليهود فقال: يا معشر اليهود, والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي, وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم... وفي رواية لابن حبان في صحيحه قال ابن رواحة لهم:والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي, ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير, ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
وينبغي للمسلم أن يبرز محاسن دينه, ويجسد ذلك في سلوكه ومعاملاته مع إخوانه من المسلمين ومع غيرهم, وفي ذلك دعوة لهم إلى هذا الدين العظيم.
وقد جاء في توصيات المجلس الأوربي للافتاء في دورته السابعة عشرة مايلي:
1. الالتزام بالقوانين الخاصة بحقوق المواطنة وواجباتها. 2. الالتزام بالقوانين واللوائح الموضوعة من قبل الجهات الرسمية. 3. العمل على تحسين صورة الإسلام والمسلمين عن طريق الالتزام بقيم الإسلام ومبادئه العظيمة وإقامة البرامج التي تعرف بالإسلام وقيمه الحضارية...إلخ
والله أعلم.