الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن ييسر لأختك أمرها ويرزقها بزوج صالح، واعلمي أن تأخر زواجها قدر من أقدار الله التي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، ففوّضوا الأمر إلى الله وأحسنوا الظن به، وأكثروا من دعائه فإنه قريب مجيب.
وأما بخصوص رغبتها في السفر للعمل فإن المحرم يشترط حال السفر فقط، وأما في الإقامة فلا يشترط أن يكون معها محرم وانظري الفتوى رقم : 130920
وإذا لم يكن معها محرم يسافر معها فإن سفرها بالطائرة ما دام لا يعرضها لفتنة فنرجو أن يكون جائزا بغير محرم لشيوع الأمن في مثل هذه الأسفار غالبا.
قال الحطاب الرعيني (المالكي): فهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ : "بِفَرْضِ" أَنَّ سَفَرَهَا فِي التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِزَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ مُتَجَالَّةً وَقَيَّدَ ذَلِكَ الْبَاجِيُّ بِالْعَدَدِ الْقَلِيلِ وَنَصُّهُ: هَذَا عِنْدِي فِي الِانْفِرَادِ وَالْعَدَدِ الْيَسِيرِ فَأَمَّا فِي الْقَوَافِلِ الْعَظِيمَةِ فَهِيَ عِنْدِي كَالْبِلَادِ يَصِحُّ فِيهَا سَفَرُهَا دُونَ نِسَاءٍ وَذَوِي مَحَارِمَ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْإِكْمَالِ وَقَبِلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَذَكَرَهُ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَيُقَيِّدُ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ، وَنَصُّ كَلَامِ الزَّنَاتِيِّ: إذَا كَانَتْ فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ ذَاتِ عَدَدٍ وَعُدَدٍ أَوْ جَيْشٍ مَأْمُونٍ مِنْ الْغَلَبَةِ وَالْمَحَلَّةُ الْعَظِيمَةِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا مِنْ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ فِي جَمِيعِ الْأَسْفَارِ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَبَيْنَ الْبَلَدِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَابِسِيُّ. انْتَهَى. مواهب الجليل في شرح مختصر خليل.
جاء في فتاوى الشيخ ابن جبرين: السفر الممنوع للمرأة هو مسيرة يوم وليلة، فإذا كان السفر أقل من يوم وليلة ولو في الطائرة ولو في القطار أو السيارة فلا يدخل في النهي، فإن السفر المنهي عنه كون المرأة تركب بعيرًا أو نحوه وتسلك طريقًا بعيدًا في الصحراء تبقى فيه عدة أيام تتعرض فيه لقطاع الطريق وأهل الفحشاء والمنكر وتطول الغيبة فيه، فأما السفر على السيارة مع نسوة ثقات ولمدة خمس ساعات أو عشر ساعات، والطريق مسلوك بالذاهبين والآيبين وليس هناك خلوة، ومتى وصلت البلدة التي تعمل فيها استقرت في سكن مناسب ومع رفقة ملتزمات من النساء المحافظات على دينهن، فلا محذور في ذلك للأمن عليهن من المفسدين غالبًا، ولا يعتبر هذا سفرًا محرمًا.
والله أعلم.