الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أعظم المنكرات قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فقد ورد في ذلك الوعيد الشديد في نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة، وقد ذكرنا جملة منها بالفتوى رقم: 103671.
والأصل في المسلم السلامة وبراءة ذمته حتى تثبت إدانته من سبيل صحيح، فلا يجوز أخذ الناس بمجرد التهم والشكوك، وإثبات الجريمة على الشخص لها أسسها التي تتم بها، فلا بد من البينات حتى تثبت الدعاوى، وتوجه اليمين إلى من ينكر ونحو ذلك مما هو معروف في أمر القضاء في الشرع، وشرع كل هذا حفظا للنظام وصيانة للأرواح، وحرصا على أن تكون حياة الناس على استقامة. فإذا اختل الأمن شاعت الفوضى وكثر الاضطراب ولم يأمن أحد على نفس أو مال أو أهل. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يُعطَى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. رواه الترمذي والبيهقي وبعضه في الصحيحين كما قال النووي.
وإذا ثبتت التهمة على الشخص في أمر ما، فليس كل تهمة يكون جزاؤها القتل، وعلى فرض أن جزاءها القتل فتنفيذه ليس إلى آحاد الناس وإنما هذا من شأن الحاكم أو من ينوب عنه كما أوضحنا بالفتوى رقم: 29819.
وحاصل الأمر أنه إذا صح ما ذكرت من اعتداء أحد على أبيك وقتله له، فهذا القاتل معتد أثيم، وغادر قبيح. فلو قدر معرفته فليرفع أمره إلى الحاكم حتى يجازيه بما يستحق ليكون ذلك رادعا لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذا. وننصح بالحرص على حقن دماء المسلمين والعمل على حفظ النظام وعدم إشاعة الفوضى والفتن.
والله أعلم.