الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على نشر الخير والفضيلة ومحاربة الباطل والرذيلة، ونسأله أن يوفقك إلى كل خير وأن يستعملك في خدمة دينه، ثم إن الأصل تحريم الصور الكرتونية ونحوها لذوات الأرواح من إنسان أو حيوان، ولكن إن كانت هنالك مصلحة راجحة في استخدامها كما هو الحال في الأفلام التعليمية وأمثالها فنرجو أن لا حرج في ذلك، وقد سبق لنا بيان ذلك باستفاضة في الفتوى رقم: 3127.
ولتمام الفائدة والاطلاع على كلام أهل العلم في موضوع الرسوم المتحركة نحيل السائل على فتوى جاءت في موقع الإسلام سؤال وجواب ونصها كالآتي: الرسوم المتحركة إن كانت على غير شكل ذوات الأرواح ـ كالشجر والسيارات ـ فلا حرج في صنعها ومشاهدتها من حيث كونها رسماً، وأما إن كانت على شكل ذوات الأرواح ـ كالبشر والحيوانات ـ فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء المعاصرين، ففي فتوى اللجنة الدائمة رقم: 19933، تاريخ 9ـ 11ـ 1418هـ ما نصه: لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون، لما تشتمل عليه من الصور المحرمة، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية، من التعليم، والتأديب، والأمر بالصلاة، والرعاية الكريمة، وذهب الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ إلى الجواز، وعلى القول بالجواز فينبغي للمنتج لها أن يراعي أموراً، منها:
1ـ عدم إخراج الشخصيات القيادية والجهادية بصورة مبتذلة، أو تقويلهم ما لم يقولوا.
2ـ عدم وضع مقاطع موسيقية مع الأفلام والرسوم المتحركة، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: يبقى النظر، لا ينسبون إلى أحد من قوَّاد هذه الفتوحات ما لم يقله، هذه هي المشكلة فأرى أنه إذا كانت ليس فيها إلا الخير، ما فيها شيء ـ إن شاء الله ـ وإذا كانت مصحوبة بموسيقى فهذا لا يجوز، لأن الموسيقى من المعازف المحرمة، وقد ذكرنا في بعض أجوبتنا حرمة الألعاب الإلكترونية للصغار والكبار إذا كانت تحتوي على معازف.
3ـ عدم إخراج صور النساء والرجال بعورات أو بأفعال محرَّمة أو كفرية كحمل الصليب وعبادة الأصنام، ولو كان للتعليم والتمثيل.
4ـ أن تحمل تلك الأفلام والرسوم المتحركة معاني سامية، وأن تحتوي على ما يعلِّم الأخلاق الفاضلة.
5ـ أن لا تكون الصور والرسوم مشابهة لخلق الله تعالى، حتى لا يخطر بذهن الطفل الصغير أن ثمة من يصنع كخلق الله تعالى.
6ـ أن لا يكون فيها تعظيم لبدعة ولا مبتدع، ولا فسق ولا فاسق، وأن لا تشتمل على ذِكر مناسبات بدعية أو محرمة كالاحتفالات بالمولد النبوي، أو بأعياد الميلاد..... وعلى كل حال، فينبغي للمنتج أن يضع بين عينيه أن ما سيخرجه للنشء سيتأثر به من يسمعه ويراه، فليحرص على إيصال رسالة الإسلام نقية، وليساهم في تربية الأطفال تربية إسلامية، فيُدخل في أفلامه ورسومه تعظيم الصلاة وتعليمها، وبر الوالدين وذِكر حقوقهما، وغير ذلك من أخلاق الإسلام العظيمة، مع التحذير من العقوق، والكذب وقطيعة الرحم، وما يشبه ذلك، ونرجو أن يكون ما في هذه الرسوم والأفلام من مصالح أكثر من مفسدة التصوير والرسم، ولو كانت المسألة متفقاً عليها بين العلماء لما قلنا بالجواز، حتى لو كان فيها مصالح متعددة، ولكن لما جاءت النصوص باستثناء صناعة الألعاب ولو لذوات الأرواح للأطفال ووجد من علمائنا من يقول بالجواز مِلْنا إلى القول بالجواز. انتهى بتصرف.
أما رسم ما يسمى بالإنسان الآلي فقد سبق أن ذكرنا حكمه في الفتويين رقم: 20017، ورقم: 54124.
وليعلم السائل أنه لم يتبين لنا المقصود بكارتون المخاطبة من دون باقي أعضاء الجسم، فإن كان المقصود وجود الرأس دون باقي الأعضاء فليراجع في الفتوى رقم: 173023، كلام العلماء فيه.
والله أعلم.