الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور حديث متفق عليه، وهو في حالة الحرب بين المسلمين، ولكنه محمول على ما إذا كان القتال بينهم بغير تأويل سائغ ـ كما قال أهل العلم ـ قال النووي في شرح مسلم: وأما كون القاتل والمقتول في النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها، ثم كونه في النار معناه مستحق لها، وقد يجازى بذلك، وقد يعفو الله تعالى عنه، هذا مذهب أهل الحق.
وقال الحافظ في الفتح: كان الأحنف أراد أن يخرج بقومه إلى علي بن أبي طالب ليقاتل معه يوم الجمل، فنهاه أبو بكرة فرجع، وحمل أبو بكرة الحديث على عمومه في كل مسلمين التقيا بسيفيهما حسما للمادة، وإلا فالحق أنه محمول على ما إذا كان القتال منهما بغير تأويل سائغ، وقد رجع الأحنف عن رأي أبي بكرة في ذلك وشهد مع علي باقي حروبه.
ولذلك، فإن القتال بين المسلمين إذا كان بتأويل سائغ فإن الحديث لا يتناوله، وإنما يتناول من قاتل للعصبية ونحوها، وكذلك القتال في الفتن التي لا يظهر الحق فيها، وأما القتال في حال الاعتداء على المسلم: فإن الحديث لا يتناوله قطعا وذلك لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد. رواه الترمذي وغيره وقال: هذا حديث حسن صحيح ـ وبعضه في الصحيحين.
ولما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار.
وانظر الفتويين رقم: 104753، ورقم: 20234، للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.