الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سرق قبل البلوغ فلا إثم عليه، لحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أصحاب السنن.
لكن رفع الإثم لا يرفع الضمان، فالواجب على تلك الفتاة هو رد مثل ذلك الذهب الذي اختلسته من صاحبتها فباعته إن أمكن وجود مثل له كما لو كان مصنوعاً عن طريق الآلات الحديثة التي تصنع أنواعاً متطابقة من الحلي، أما إذا لم يكن له مثل ـ كما هو الغالب ـ فالواجب هو ضمانه بقيمته من النقد المتعارف عليه، قال ابن قدامة في المغني: الحلي من الذهب والفضة وشبهه، والمنسوج من الحرير والكتان والقطن والصوف والشعر، والمغزول من ذلك، فإنه يضمن بقيمته، لأن الصناعة تؤثر في قيمته، وهي مختلفة، فالقيمة فيه أحصر، فأشبه غير المكيل والموزون وظاهر كلام أحمد يدل على ما قلنا.
ومقدار القيمة يقدر يوم سرقته على الراجح، جاء في فتاوى ابن تيمية: وإذا تغير السعر وفقد المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب وهو أرجح الأقوال. انتهى.
وأما السعر الذي بيعت به فلا اعتبار له ويلزمها رد تلك القيمة بعد الاجتهاد في تقديرها إلى صاحبتها، وإذا خشيت الفضيحة عند إعلامها بذلك وحدوث ضرر بها فيمكنها إيصالها بطرق غير مباشرة كوضعها في حسابها أو إرسالها مع أمين ويخبرها بأن هذا حق لها من قبل مجهول ونحوه، ولا يلزمها أن تخبرها بكونها سرقت الذهب، ولايجزئها التصدق بالحق مادام إيصاله إلى مستحقه ممكنا، ولكن عليها ضمان ما سرق لأصحابه، لأن سقوط الإثم لا يلزم منه سقوط الضمان، وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
والله أعلم.