الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للتركة في الإسلام شأنا عظيما، وذلك لما قد ينشأ عن تقسيمها بغير العدل من فساد ذات البين بين الإخوة والأقارب، ولذلك قسمها الله تعالى في محكم كتابه، ولم يَكِل قسمتها إلى نبي مرسل، ولا إلى ملك مقرب، وعقب على ذلك بالوعد بالجنة لمن أطاع تعاليمه وبالوعيد بالعذاب المهين لمن تعداها، فقال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13ـ 14}.
ولذلك، فإن على المسلمين أن يحكموا شرع الله في كل شؤونهم، ويعلموا أن الخير كل الخير في تحكيم شرع الله، وبخصوص تركة هذه المرأة: فإن كان ورثتها محصورين فيمن ذكر، فإنها تقسم حسب الآتي: فبعد أن يخرج منها مؤن تجهيز دفنها وقضاء ديونها، تخرج منها الوصية طالما أنها ليست لوارث وفي حدود الثلث، ولا يتوقف شيء من ذلك على موافقة الورثة لأن هذا حق للميت، فقد روى الإمام أحمد في المسند وابن ماجة في السنن وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. حسنه الألباني.
وما زاد على الثلث من الوصية أو كانت الوصية لوارث فلا بد فيه من موافقة الورثة، ولا يعتبر رضاهم إلا إذا كانوا رشداء بالغين، ولذلك فإن وصية هذه المرأة لحفيدتيها صحيحة ماضية، ولا يصح أن تعطيا نصيب أمهما، لأن أمهما توفيت قبل أمها فلا ترث منها، وهما لا ترثان من الجدة، ولا اعتبار لقضاء المحكمة الوضعية بنصيب أمهما لمخالفته للشرع، أما ما بقي بعد مؤن التجهيز والوصية: فإنه يقسم على أولادها ـ تعصيبا ـ للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.
وأصل التركة من عشرة، عدد رءوس عصبتها، فيقسم المال على عشرة أسهم، لكل واحد من الذكور سهمان، ولكل واحدة من الإناث سهم.
والله أعلم.