الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدم النازل على المرأة عند الإجهاض يعتبر دم نفاس إذا تخلق الجنين، كما سبق بيانه مع ذكر الخلاف في المسألة في الفتوى رقم: 20777.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: إذا نزل الجنين فنزل الدم بعده، فإن كان هذا الجنين قد تبين فيه خلق الإنسان فتبين يداه ورجلاه وبقية أعضائه فالدم دم نفاس لا تصلي المرأة ولا تصوم حتى تطهر منه، وإن لم يتبين فيه خلق إنسان فليس الدم دم نفاس فتصلي وتصوم إلا في الأيام التي توافق عادتها الشهرية، فإنها تجلس لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي أيام العادة. انتهى.
ولا يلزم من التخلق نفخ الروح، لأن التخلق يحصل بعد ثمانين يوما والروح تنفخ فيه بعد أربعة أشهر، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ـ قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ. الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وحديث ابن مسعود بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار، كل طور منها في أربعين ثم تكملتها ينفخ فيه الروح، وقد ذكر الله تعالى هذه الأطوار الثلاثة من غير تقييد بمدة في عدة سور، إلى أن قال ـ رحمه الله: وزاد في سورة قد أفلح بعد المضغة: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً { المؤمنون:14}.
وقال ابن حجر في الفتح أيضا: اتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة شهر.
والله أعلم.